الذين أخفوا السادات!

TT

اذهب إلى الحاجة أم درويش.. بيتها في القلعة.. السلالم مكسرة.. خد معك علبة كبريت لكن تضيء لك السلم.. وأعطها هذه الهدية وقل لها: أنور بيسلم عليك وبيقول لك أي حاجة عاوزاها اطلبيها فورا..

أما أنور هذا فهو أنور السادات. أما الست أم درويش فهي كبيرة في السن نحيفة تعيش وحدها لأن ولديها هاجرا إلى الخليج، وكان أنور السادات قد اختفى عندها ثلاثة أيام هربا من البوليس..

ويعود أنور السادات يقول: تروح تشتري ثوب قماش لونه مش عارف إيه ومن الحرير.. وتاخد معاك لفة قمر الدين وتين وتمر وتروح للحاجة وساوس. اسمها كده.. وهي ست جدعة.. أنا اختفيت عندها ثلاثة أيام كانت تشتري الصحف وتقدم لي الإفطار وهي مسكينة غلبانة.

- حاضر يا ريس..

أما الست وساوس فهي تسكن في بيت صغير في الدور الأرضي.. لأنه مقبرة.. ولا تكاد تناديها حتى تقول لك! أنا وساوس.. من أنت؟ أقول لها: أنا فلان وجاي من عند الرئيس السادات وهو باعت لك الهدية دي. وهي اسمها وساوس لأنها لا تثق في أحد.. ومعها حق..

فترد بسرعة: الله يكرمه طول عمره راجل ابن راجل.. ولا ينسى من أحسن إليه أبدا.. حتى في عز حرب أكتوبر بعت لي هدوم وفلوس. آدي الرجالة.. آدي الأبطال.. ربنا يكرمه ويكرمك يا ابني..

وفي يوم طلب مني الرئيس السادات: هات ورقة وقلما واكتب هذا العنوان.. إنها مدام هارون تسكن في شارع 5 في مدينة عكا بإسرائيل. موجودة وفي صحة كويسة وبعتت لي جواب من أسبوعين.. والست دي كانت في غاية الشهامة والجدعنة.. اختفيت عندها يوما تحت السرير.. وهي مريضة تتحرك بصعوبة.. تروح وتديها الفلوس دي وتقول لها: أنور بحيلفك بأولادك أنك ما تردي هذه الفلوس..

فعلا لم تكد تسمع اسم أنور السادات حتى تهللت وظهرت عليها السعادة.. وقالت لي: طول عمره وطني جدع يحب الناس يحب بلده ومستعد يموت مائة مرة من أجلها.. أعطي أنور الهدية دي أيضا.. وكل سنة وهو طيب.. أما الهدية فعلبة من عسل النحل بمناسبة السنة الجديدة..

وكانت سعادة السادات غامرة بهذه الهدية المتواضعة ويعرضها على كل الناس.. يرحمه الله..