مستحقو الجوائز

TT

عندما نحتار في أمر، نحيله على الأيام والتاريخ. والأيام سوف تقرر كيف تصنف بيل غيتس: هل هو الدماغ الذي قفز بالإلكترونيات من عصر إلى عصر؟ هل هو الشاب الذي أصبح صاحب أكبر ثروة في العالم، متقدما على جميع أثرياء أميركا الأسطوريين؟ أم أنه الإنسان الذي تقاعد (2000) في الخامسة والأربعين من العمر لكي ينصرف إلى بذل ثروته في فعل الخير ومحاربة الأوبئة ومحاربة الأمراض ومحاربة الأمية حول العالم.

شخصيا، أتمنى أن يدخل التاريخ من باب أكثر أهمية؛ من الـ35 مليار دولار التي وهبها للمنظمة الإنسانية التي تضم 860 موظفا. أهم ما فعله بيل غيتس، أنه أقنع 400 ملياردير أميركي بأن يخصصوا 11% من دخلهم للمشاركة في حملته الإنسانية. أي ما سوف يصل إلى 600 مليار دولار، أو 15 مليارا في السنة. وقبل ذلك أقنع وارن بافيت بالتبرع بنصف ثروته. ويشاركه الآن في المؤسسة أثرياء مثل ديفيد روكفلر وتيد ترنر وجورج سوروس.

لم يصل غيتس إلى حلول سحرية بعد. لم تؤد 3 مليارات يصرفها في العام إلى إنهاء الملاريا والجدري في أفريقيا. لكن المنح الدراسية التي وزعها على الأفروأميركيين ساهمت إلى حد في تقليل انتشار الأمية بين فقرائهم. ولا لون ولا هوية ولا عرق للذين يتلقون المساعدات حول العالم. وإلى جانب ذلك تعطي المؤسسة قروضا لصغار التجار والمزارعين، على طريقة المهندس محمد يونس، الذي أعطي نوبل السلام تقديرا لذلك.

وربما كانت هذه الحروب التي تُربح هي التي يجب أن تعطى نوبل السلام. ليس لمن وقع على الإبادات البشرية بل صاحب التوقيع الذي وهب 35 مليار دولار لفقراء الهند وأفريقيا. وأتمنى على اللبنانيين الذين صنعوا ثروات خيالية في أفريقيا، أن يخصصوا 10% على الأقل مما صنعوه لمساعدة فقراء القارة، خصوصا أن بعضهم شارك زعماءها ورؤساءها في نهب القارة وخيراتها وثروات ضعفائها ومساكينها وغلابها.

بعد تسمية بيل غيتس أغنى رجل في العالم بعام واحد، تقدم عليه المكسيكي اللبناني الأصل كارلوس سليم. وحتى الآن تبرع سليم بنحو 4 مليارات في العام لفقراء المكسيك. وهو يجني الثروات كل عام من نحو 20 بلدا في أميركا اللاتينية. وربما لو ضم عمله الخيري إلى مؤسسة غيتس لتغيرت أمور كثيرة في هذا العالم.

لقد تم في الأسابيع الأخيرة تنصيب رئيسين من رؤساء الدول المختلفة، مطلوبين من «الإنتربول» بتهمة الاتجار بالمخدرات. إن رفع الجهل والتخلف والمرض والعوز عن شعوب هذه الدول، وحده سوف يحررها من ربق الطغيان وعار السلطة اللاأخلاقية واللاإنسانية.