هل تحل اعترافات العملاء ألغاز لبنان؟

TT

لو ثبتت تهمة العمالة لإسرائيل على القيادي اللبناني في التيار الوطني الحر، العميد «ف. ك»، الذي اعتقل في لبنان قبل أيام، فإن حالة الرجل ترتقي لأن تكون الحالة الأكثر تعقيدا، والأكثر استثارة للدهشة. فالرجل ظل حتى اعتقاله صوتا من أعلى الأصوات المحرضة على ضرورة الحزم، وتطبيق العدالة على الجواسيس والخونة، ومن أكثر الأصوات التي تحدثت عن الشرف والوطنية ومناهضة العدو، فضلا عن سيرة ومسيرة الرجل في الجيش، وما بعد الجيش، ففي الجيش صعد إلى رئاسة فرع مكافحة الإرهاب والتجسس، وفي العمل السياسي ارتقى لأن يكون أحد قيادات التيار الوطني الحر، وكان يتوقع للرجل الوصول إلى المجلس النيابي أو كرسي الوزارة، لو قدر له أن يسير على منوال الصعود نفسه الذي سار به منذ عودته من فرنسا.

هذه الأيام يتهاوى العملاء تباعا كحبات «الدومينو»، فالكل يستشعر خطورة هؤلاء على أمن لبنان، وحساسية وضعه، فكان لزاما على الجميع التعاون لتنقية مشتل بلادهم من مختلف الكائنات الضارة، بصرف النظر عن انتماءات هذه الكائنات. ويبقى السؤال الذي يتضخم بعد سقوط هذا العدد من العملاء: هل إسرائيل في حاجة إلى كل هذه الطوابير من العملاء على الأراضي اللبنانية؟ والجواب: نعم، فاللعبة الإسرائيلية مع لبنان لعبة خاصة ومختلفة لتعدد اللاعبين على الساحة اللبنانية، فليس ثمة دولة عربية أو غير عربية بارزة، لا ظلال لها في لبنان، وعلى هذه الساحة يمكن لإسرائيل أن تستهدف أكثر من طرف، وقد أثبتت التجارب أن أحداث لبنان - هذا البلد الصغير - لها انعكاساتها على محيطه العربي تنافرا أو ألفة، تشتتا أو توحدا، وهذا ما يجعل الساحة اللبنانية أكثر استهدافا من قبل إسرائيل وعملائها.

وهذا الحشد الكبير من العملاء الذين يتساقطون اليوم في لبنان قد يدفع المتابع إلى تخيل الأدوار التي قاموا بها، والتي لا يمكن تصور حصرها (فقط) في تزويد إسرائيل بالمعلومات، فلربما امتدت أدوار هؤلاء إلى أنشطة إجرامية أخرى كثيرة ومتعددة، فهل تحل اعترافات العملاء بعض ألغاز لبنان الغامضة؟

[email protected]