إدارة أوباما تحتاج إلى دبلوماسية الصبر

TT

يحتوي «قاموس الدبلوماسي»، الذي أعده السفير الأسبق المؤذي تشاس فريمان الابن، على هذا المثل المألوف حول قيم الصبر: «الذي ينتظر ينال كل شيء».

وبهذا المقياس، تتجه إدارة أوباما إلى جولة من الاختبارات الدبلوماسية خلال الخريف المقبل في توازن غير مناسب للصبر ونفاد الصبر. لكن للأسف، الذين هم في أفضل وضع لانتظار «كل شيء» كما ذكر المثل، ليسوا الأميركيين.

وقد يكون الحدث الرئيسي الأول هو فرصة إجراء مباحثات مباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين. ويمكن القول إن الحقيقة الواقعية للمباحثات تكافئ الاستراتيجية الصبورة التي تبنتها وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون والمبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل. لقد انتظرا حتى زحف الأطراف إلى طاولة المفاوضات، بدلا من السعي إلى فرض قالب أميركي. وتكمن المشكلة في أن الصبر هنا يعمل في النهاية مع من يعوقون السلام، على الجانبين. يمكنهم انتظار المصلحين. يتم بالفعل زرع القنابل الموقوتة: من الممكن أن يرفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مد تجميد الاستيطان الذي فرضه، مما يدفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الانسحاب. وقد يرفض عباس مناقشة نزع السلاح أو دولة يهودية، مما يقود نتنياهو إلى الانسحاب.

وسيكون النهج الأفضل هنا (وفي قضايا أخرى عالقة) هو «مزيد من الصبر»، وتعني مزيد هنا مجموعة من الخطوط العريضة الرئيسية التي تصحب فرصة المباحثات وتقدم بعض التماسك إلى العملية. وبمجرد وضع هذه المبادئ، فإن التأجيل لن يتم بالنسبة إلى المخربين.

وانحاز الرئيس أوباما حتى الآن إلى صبر كلينتون بشأن هذه القضية. لكن إذا كان أوباما يريد تجنب الانتقاد من جانب الرافضين الصابرين، فإن الوقت قد حان للرئيس لأن يضيف «المزيد».

والقضية الثانية التي من شأنها أن ترهق صبر الأقوياء هي تشكيل حكومة جديدة في العراق. لقد مر الآن خمسة أشهر بعد أن قادت الانتخابات إلى نصر محدود لرئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، على رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي. والأحزاب الشيعية التي تحالفت من قبل مع المالكي، تخلت عنه تقريبا، إلا أنه ينتظر كما لو كان رئيسا للوزراء للأبد، وهو النمط العربي من الحكم. وعلى الجانب الآخر، لا تزال القنابل تنفجر في بغداد.

ترددت الإدارة بين الصبر مع العملية السياسية اللزجة في العراق ونفاد الصبر بشأن سحب القوات. ويترك ذلك في المقام الأول الساحة لأصحاب النفوذ في بغداد وطهران، الذين هم على استعداد لانتظار بعضهم بعضا والولايات المتحدة حتى يتجمد نهر دجلة.

والإجابة هنا مرة أخرى هي مزيد من الصبر. يتعين على الولايات المتحدة مواصلة تذكير العراقيين (كما حاول نائب الرئيس بايدن بصورة متقطعة) بأن أميركا ما زالت لديها قوات في العراق، وكذلك أصدقاء ومصالح و«خطوط حمراء».

وتعد إيران مباراة ثالثة في الانتظار. حاولت الإدارة على نحو رائع تذكر أنها تعمل في بازار للسجاد هنا، وعلى نحو صبور تقدم مزيجا من المفاوضات مع العقوبات الاقتصادية (أحب الغموض الدبلوماسي، لذا فإنني أعتقد أن نهج التوقف والبدء المربك في بعض الأحيان يعد صائبا إلى حد ما).

ومع ذلك، تدق الساعة بصوت عال، في صورة برنامج إيران النووي. لذا، فإن «المزيد» في هذه الحالة من الصبر يتطلب أن تنتهز الولايات المتحدة فرص التفاوض عندما تظهر.

تخطط الإدارة بصورة جديرة بالثناء مثل هذا الاختبار للدبلوماسية: في سبتمبر (أيلول) أو أكتوبر (تشرين الأول)، من المحتمل أن تلتقي إيران والدول الخمس الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي إضافة إلى ألمانيا (مجموعة خمسة زائد واحد) في فيينا أو بروكسل لمناقشة نطاق واسع من القضايا، التي تشمل الملف النووي؛ وقد تتم محادثات فنية أخرى في فيينا تشمل إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا بشأن تخصيب اليورانيوم لمفاعل طهران للأبحاث. والأكثر إثارة للاهتمام أن الولايات المتحدة تريد بدء حوار مع إيران حول تحقيق الاستقرار في أفغانستان. والاختبار النهائي لصبر الولايات المتحدة هو الحرب في أفغانستان، إضافة إلى الوضع المتفجر في الجارة باكستان. يعزز وضع موعد نهائي في يوليو (تموز) 2011 لبدء سحب القوات الأميركية نفوذ الذين يستطيعون انتظار تحركنا. لكن هناك حقيقة سياسية تقول إن أميركا دولة مزقتها الحروب ولا تتحلى، ولا ينبغي أن تتحلى، بالصبر المطلق بشأن هذا الأمر.

لذا فهذه الفكرة النهائية حول التحلي بمزيد من الصبر تعد بسيطة: ينبغي أن تضغط أميركا على المتمردين على مدار العام المقبل، وينبغي أن تكون صابرة بشأن النتائج بقدر ما يسمح المزاج الوطني. ويجب أن تركز حملة الضغوط على مزيد من الجهود الحاسمة لإغلاق ملاذات طالبان في باكستان. وإذا فقد خصوم الولايات المتحدة قواعد إعادة التموين وحرية الحركة التي يحظون بها، فإن استراتيجية أفغانستان - باكستان على الأقل بدأت تعمل لصالح أميركا.

* خدمة «نيويورك تايمز»