اجتمع ولو في دمشق

TT

كما هو متوقع ردت حماس على طلب فتح بتأجيل موعد لقائهما، الذي كان مقررا الأربعاء بدمشق لمتابعة البحث في ملف المصالحة الفلسطينية، بالقول إن هذا الموقف «يعكس عدم جدية فتح وتراجعها عما اتفقنا عليه باللقاء الأخير عن تحديد الزمان والمكان».

وسبب طلب فتح نقل الاجتماع من دمشق إلى مكان آخر هو ما كشفته «الشرق الأوسط» قبل أيام عن ملاسنة حدثت بين الوفدين، الفلسطيني والسوري، على أعلى المستويات في قمة سرت العربية، وعلى أثر تلك الملاسنة قررت فتح عدم استكمال الحوار الفلسطيني - الفلسطيني في دمشق والمطالبة بنقله إلى بيروت.

وموقف حركة فتح لا يمكن وصفه إلا بالخطأ الفادح، تكتيكيا، فالسلطة الفلسطينية بأمس الحاجة اليوم إلى موقف فلسطيني شعبي داعم لجهودها الرامية لاستكمال مفاوضات السلام. وبالتالي، خوض المعركة الأهم مع حكومة نتنياهو المراوغة في عملية السلام. وإلى الآن فإن موقف المفاوض الفلسطيني يعتبر مقبولا، بل إن تحركات الرئيس الفلسطيني، وتصريحاته الأخيرة، كلها كانت جيدة؛ إذ أصابت نتنياهو بربكة حقيقية، داخلية، في إسرائيل، وخارجية، سواء في أوروبا أو أميركا.

وبالتالي، ما كان ينبغي لفتح أن تجعل نفسها كرة سهلة الركل لحماس، فعندما تعلن فتح رفضها استكمال الحوار في دمشق فهي تعلم علم اليقين أن آخر ما تكترث له حركة حماس هو المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، وأن الحركة الإخوانية، أصلا وقبل كل شيء، لا تملك أن تعارض السوريين أو الإيرانيين. لذا، فإن كان الهدف من مقاطعة الحوار في دمشق هو تسجيل احتجاج ضد السوريين، فإن حماس ستقوم بالرد على السلطة الفلسطينية نيابة عن سورية، وبما تريد أن تقوله دمشق من دون أن يسجل على السوريين أي لوم. وهذا ما فعله، تحديدا، المتحدث باسم حماس حين وصف طلب فتح بأنه «غير مبرر وغير مقنع. نحن نستهجن موقف فتح المصر على هذا التغيير للمكان».

ولذا، فما كان من المستحسن أن تلوح فتح بالرد على السوريين من خلال ورقة الحوار مع حماس، فلا توجد أي بوادر أصلا لدفع عجلة المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، وكان من الأولى الاستمرار في الحوار مع حماس حتى في دمشق بدلا من فتح جبهة جديدة على السلطة الفلسطينية. فالرياح الجانبية تضر ولا تنفع، كما يقال، وحماس خير من يقتنص المواقف الانتهازية. فيكفي أنها كانت تسدد الطعنات للمفاوض الفلسطيني، بينما كانت تقوم الحركة الإخوانية بإرسال الرسائل للأميركيين في الوقت نفسه. بل الطريف أن المتحدث باسم حماس كان ينتقد فتح بالأمس، بينما كان خالد مشعل يجتمع في نفس الوقت مع بعض أعضاء مكتب الرئيس الأميركي الأسبق كارتر للبحث في «تطورات الوضع الفلسطيني الإسرائيلي»!

وعليه، فعندما قررت فتح معاقبة دمشق معتمدة على حماس، فإنها بالواقع قد قررت معاقبة نفسها. فالمثل يقول: إنه عندما تكون في حفرة فعليك أن تتوقف عن الحفر، وإبداء البحث عن خطة للخروج. وحماس حفرة حقيقية للجهد الفلسطيني الساعي للحصول على الدولة الحلم.

[email protected]