لو كنت مستشارا للحريري

TT

لو كنت مستشاراً لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري وقرأت مقابلة رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري، التي يقول فيها «لا ننظر إلى 14 و15 و16 آذار، فهذه الهياكل كرتونية»، مضيفاً: «14 آذار و15 آذار.. فمن هؤلاء»؟ لقلت في نفسي، كمستشار للحريري: إذا كان هذا أكثرهم لباقة، فكيف سيكون حال أطولهم لساناً؟ وعليه سأهرع إلى مكتبي وأكتب للحريري الرسالة التالية:

دولة رئيس الوزراء

تحية وبعد..

لا بد أنكم قد اطلعتم على التهجم غير المسبوق، منذ عودة العلاقات بينكم وبين دمشق، الذي شنه رئيس الوزراء السوري على قوى «14 آذار»، ويعلم دولتكم أن هذا الهجوم يأتي بعد سلسلة من التطاولات الإعلامية التي صدرت من دمشق بحقكم وحق فريقكم عبر وسائل إعلام موالية للسوريين، وحزب الله، وإيران، ناهيك عما تعلمونه وينقل لكم من أهل العلم والاطلاع، وعليه فإنني أكتب لكم من باب أن الناصح مؤتمن بأن الوقت قد حان لتتخذوا القرار المناسب، وفق الظروف والمصلحة، وهذا القرار يا دولة الرئيس هو الاستقالة.

يا دولة الرئيس..

خضتم الانتخابات وخلفكم تياركم ومريدوكم، وهم كثر، وحققتم نصراً مؤزراً، ورغم ذلك لم تتمكنوا من تأليف الحكومة، لكنكم استشعرتم مسؤوليتكم وذهبتم للدوحة وقدمتم تنازلات حفاظاً على لبنان، وخضتم معركة محكمة رفيق الحريري ورفاقه الشهداء الدولية، ونصبتم خيمة العدالة في قلب لبنان، وباتت المحكمة واقعاً لا يستطيع أحد المساس به، وقمتم بفتح صفحة جديدة مع سورية، ورئيسها، وزرتم دمشق، وتحدثتم بلغة إيجابية في حواركم الصحافي مع صحيفة «الشرق الأوسط»، وقلتم: نعم ارتكبنا أخطاء. ولم ينتهِ الأمر بهذا الحد، بل يطلبون المستحيل اليوم.

وهذا المستحيل، يا دولة الرئيس، هو أن تقوموا بالطعن بالمحكمة الدولية فقط لتبرئة حزب الله، وإلا فإنهم سيعطلون عملكم، ويشلون الحكومة من خلال المطالبة بتحقيق شهود الزور، علماً بأن المحكمة قد قالت إنها لم ولن تستند إليهم، لكن كل ما يحدث اليوم هو ابتزاز من أجل أن تضربوا سمعة المحكمة قبل صدور القرار الظني، وهذا انتحار سياسي، وأخلاقي، وقيادي، يا دولة الرئيس.

وعليه، فإننا نرى، والرأي لكم، أن تقدموا استقالتكم من رئاسة الوزراء، فلن يستطيع سياسي سني أن يأتي مكانكم ويتخذ قراراً يطال المحكمة، فهو يعلم، أياً كان رئيس الوزراء هذا، أن المحكمة قرار دولي، وبالتالي فإن مجرد محاولة المساس بها فإنه سيعد خيانة كبرى، ولن تقبل بها الدول العربية المؤثرة، ناهيك عن الغرب، وحينها ستصبح أنت، أيا كان مقرك الجغرافي، مسعى لهم، سيأتونك لأنك ستكون المنقذ، فلن يحتملوا مواجهة الرأي العام اللبناني الذي سيكتشف خطرهم.

تستقيل اليوم يا دولة الرئيس بعد أن قمت بواجبك، وقدمت من التضحيات والتنازلات ما يكفي. لقد آن الأوان، يا دولة الرئيس، أن تفعل ما كان يفعله والدك، فعندما كان، يرحمه الله، يجد أن كل الطرق قد سُدت فإنه يستودع الله لبنان وأهله.

هذا ما رأيناه، وهذا ما يمليه علينا ضميرنا، والله يرعاكم.

والسؤال الآن هو: هل يفعلها الحريري؟

[email protected]