ولماذا دخلوا العراق سنة 1914؟!

TT

التاريخ يعيد نفسه: الإنجليز في العراق سنة 1914. زحف عشرون ألف جندي بريطاني على العراق.. ضربوا وهدموا وقتلوا وعاملوا الأسرى السجناء معاملة سيئة. ولم يكن لدى البريطانيين أي سبب وجيه للزحف على العراق والادعاء بأنهم إنما جاءوا يخلصون الشعب من الحكم العثماني.. ولم يطلب إليهم أحد ذلك.. ورفض العراقيون أن يتم «تحريرهم» على أيد أجنبية.

وليس واضحا السبب في وجود الإنجليز سنة 1914 ولا سنة 2003. وربما كان الهدف الواضح هو أن لا يقع بترول العراق في أيدي الأتراك والألمان. ولا كان واضحا متى يخرج الإنجليز من العراق؛ لا كان سنة 1917 ولا اليوم.

وتقدمت القوات الإنجليزية إلى الشمال سنة 1916 وحاولت الاستيلاء على الكويت ولكنها لقيت هزيمة شنيعة.

وقام القائد البريطاني سير ستانلي مور بالزحف المنظم على بغداد.. وتحول الهجوم البريطاني إلى احتلال بريطاني. وفي ذلك الوقت دعا تشرشل إلى استخدام الغازات السامة ضد العراق. ولكن لسبب غير معروف لم تستخدم القوات البريطانية الغاز، وإنما كانت معاملة القوات البريطانية للشعب العراقي في غاية السوء. وتساءل السياسيون في لندن إن كان لهذه القسوة ما يبررها.

وفي سنة 1921 سلمت بريطانيا حكم العراق إلى الملك فيصل.

وحولت بريطانيا ثلاث ولايات تركية إلى ولاية واحدة: الموصل وبغداد والبصرة. ومن المؤكد أن القوات البريطانية قد دخلت وخرجت وهدمت وشردت وقضت على ربع مليون نسمة. ولكن لماذا؟ لا يوجد سبب منطقي لهذا الهجوم المفاجئ والعنف والطغيان. وكان على الإنجليز أن يعيشوا في جهنم العراق: الحرارة الشديدة والذباب والبعوض وكل أمراض المناطق الاستوائية وأهمها الدوسنتاريا.

وإذا كان الإنجليز يتساءلون: ولماذا العراق؟ ولماذا العنف؟ ولماذا الدماء؟ ومتى الخروج؟ فإنهم يتساءلون الآن حكومة وشعبا: لماذا دخلت بريطانيا العراق في عهد توني بلير والرئيس بوش الابن؟ وكان على السياسيين أن يفكروا ويضربوا رؤوسهم في الحائط. وبقي العسكريون يفعلون ما بدا لهم، وتركوا تفسير الهجوم والاحتلال والعودة إلى الساسة هناك وهنا في بغداد وكل العواصم العربية!