ذات عرس في الصين!

TT

يبدأ كتاب لي غونكشين «راقص ماو الأخير» بوصف عرس أمه في بلدة تشنغداو، عام 1946: «في يوم زواجها، تجلس البنت وحيدة في منزلها القروي. تسمع الفتاة أصوات موسيقى فرحة تقترب. إنها في الثامنة عشرة خائفة ومضطربة.

تعرف أن بعض سمسارات الزواج في قريتها، كذابات وخادعات. وبعض نساء قريتها زوجن من رجال ناقصي الأطراف، وكان عليهن الاعتناء بهم حتى اليوم الأخير. ضرب الزوجات عام. الطلاق غير وارد. وتعرف أن بعض النساء انتحرن شنقا بدل ذلك، ولذلك فهي تضرع ألا يكون هذا مصيرها. تضرع أن يكون لزوج المستقبل ساقان وساعدان وأذنان وعينان. ويقلقها ألا يكون دمثا وألا يحبها. لكن أكثر ما يقلقها هو ألا تستهويه قدماها اللتان رفضت منعهما من النمو وهي طفلة. العريس قادم من القرية المجاورة محمولا في كرسي على الأكف، ترافقه الصناجات والأبواق، في رحلة على الأقدام تستغرق ثلاث ساعات. عندما يصل تكون العروس في حالة من الرعب الكلي. يرتدي قفطانا أزرق طويلا ويعتمر قبعة حريرية عالية مزينة بالطيور. ينحني أمام عروسه ثلاث مرات حتى يكاد جبينه يلامس الأرض، دائما في اتجاه الشمال، حيث (إله) السعادة.

تقدم إلى الضيوف الحلويات والشاي وبزر دوار الشمس. يلي ذلك مأدبة غداء تكسر بكلفتها ظهر أهل العروس. يساهم كثيرون من الأقرباء في الكلفة والإعداد، لكن الثمن الكامل يتطلب تسديده سنوات طويلة.

بينما يتمتع مرافقو العريس بطيبات المأدبة، تجلس العروس على سريرها محجبة بشال حريري. ثم يدخل عليها شقيقها الذي رأى العريس للتو ويهمس في أذنها أنه كامل الأطراف، فتبكي فرحا. مع نهاية العشاء تحضر لها أمها كوبا من الأرز، حيث عليها أن تأكل منه ثلاث ملاعق وأن تبصق الرابعة في جيب أمها، كما عليها أن تبقي بعض حبات الأرز في فمها حتى الوصول إلى منزل زوجها، كرمز على أنها لن تجوع طوال رحلتها في الحياة. العروس غير قادرة على التوقف عن البكاء وهي تبصق الأرز في جيب أمها. بعد قليل سوف تصبح زوجة رجل آخر وابنة بيت غريب. تتعلق في يد أمها كأنها تتعلق بقشة الحياة. تقول لها أمها: كفي عن البكاء يا مجنونة! أنت ذاهبة إلى عائلة لديها ما يكفي من الطعام. هل تريدين البقاء فقيرة طوال عمرك؟!

تبكي العروس طوال الطريق إلى قرية العريس. إنها لم تغادر منزل أهلها إطلاقا قبل اليوم. الرعب يملأها. وإذ يبلغ الموكب منتصف الطريق، يتوقف حاملوها. ويطلب إليها أن تقلب مرآتها إلى الجانب الآخر؛ الآن عليها أن تنسى الماضي وتتطلع إلى المستقبل».