هدية العيد.. تنوير وتحضر!

TT

بح صوتي في كل لقاء مع رؤساء الجامعات ومديري المدارس سواء في مصر أو العالم العربي.. ففي كل بلد عربي زرته التقيت بالمسؤولين عن التعليم والثقافة، وكنت دائما وما زلت أدعوهم إلى تنشيط السياحة التعليمية بين البلدان العربية، والذي سيعود بأكثر من فائدة، أولها مساعدة أبنائنا على فهم معنى التاريخ والحضارة، بدلا من جلوس الطلبة داخل فصول وقاعات درس يتحدث إليهم مدرس التاريخ عن الحضارة الفرعونية أو حضارات بلاد النهرين أو الحضارة الإسلامية دون وجود ما يساعده على شرح الحقائق التي يذكرها للطالب..

فما معنى مثلا أن يقول المدرس إن الحضارة الإسلامية ضربت بسهم وافر في كل مجالات الفنون والعلوم، وكانت إحدى ركائز النهضة الغربية؟

أليس من الأجدى أن يكون هذا الدرس داخل جنبات متحف مثل متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، لكي يرى الطلاب التسلسل التاريخي للحقبة الإسلامية منذ بدايتها وإلى الآن، ومن خلال فنون العصر الإسلامي يستطيع الزائر أن يكون صورة صحيحة عن حضارة الإسلام، والتي لم تكن فقط خيلا وسيفا، وإنما قلم وريشة ومثقاب وأنبوب أي فكر وفن وعلوم..

أعرف أن مستوى متميزا وخاصا جدا من المدارس والجامعات ببعض الدول العربية هو القادر وحده على تنظيم برامج تعليمية عابرة للحدود، وهذا أمر لا بأس به، ولتكن البداية مع هذه المدارس والجامعات، ثم يتم تقييم التجربة والتي من المؤكد نجاحها، بعدها ندعو المؤسسات المالية ورجال الأعمال بكل بلد عربي إلى رعاية مدرسة أو جامعة أو فصل دراسي بعينه داخل مدرسة أو معهد أو جامعة.. وتنظيم رحلات إلى المتاحف خارج الحدود على نفقتهم الخاصة، وهي بادرة لا بد أن تشجعها الحكومات بوسائل عديدة منها، الخصم من الضرائب المفروضة على هذه المؤسسات أو الشركات وأصحابها.

لا بد من رعاية التعليم في بلادنا وألا نترك الأمر برمته للحكومات.. فالتاريخ يخبرنا أن العلوم والفنون ما نهضت إلا بوجود الرعاة، الذين تكفلوا برعاية العلماء والفنانون، ونعرف كذلك أن الدين الإسلامي جعل الصرف على طلبة العلم صدقة تنفع صاحبها حيا كان أو ميتا، ولذلك استحب الصرف على طلبة العلم.

هذه الأفكار عاودتني وأنا أنتقل بين قاعات متحف الفن الإسلامي بالقاهرة الذي هو أول متحف للآثار والفنون الإسلامية في العالم كله.. وفي كل قاعة سواء القاعة الأموية أو العباسية أو الفاطمية أو الأيوبية أو المملوكية أو العثمانية، كنت أتخيل تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات مع مدرسيهم ومعلميهم يفترشون الأرض أمام كنوز العصور الإسلامية المختلفة يتلقون أروع دروس في التاريخ والحضارة..

وما زلت أصر على أن باستطاعتنا تغيير أمور كثيرة في مجتمعاتنا إذا تخلينا عن مبدأ الفردية والأنانية، والنظر نظرة شاملة لكل أمور حياتنا بنية التغيير إلى الأحسن والأفضل.. وقد سبقتنا مجتمعات كثيرة إلى ذلك، ولا تزال الفرصة بين أيدينا.. وهذه دعوة مفتوحة لكل مدارسنا وجامعاتنا في العالم العربي لزيارة متاحف مصر مجانا دون أي مقابل فقط أرسلوا لنا اسم المدرسة أو الجامعة وعدد الطلاب ومن معهم وسيقوم المجلس الأعلى للآثار بكل ترتيبات الزيارة المجانية ودون أي مقابل مادي..

وهذه هي هديتنا لكم في عيد الأضحى وكل عام وأنتم بخير..