الأفغان يريدون استعادة وطنهم وعلى الأميركيين الإصغاء

TT

المشكلة الكبرى التي تواجه أميركا في أفغانستان هي عدم فهم الأفغان (في ساحة المعركة الرئيسية) سبب تواجدها هناك، فعندما يقرأ القائمون على استطلاع رأي ملخصا مبسطا لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وما حدث في أعقابها لعينة من 1000 شاب في ولاية هلمند ومدينة قندهار، يقول 8 % منهم فقط إنهم يعرفون هذا الحدث.

توضح نتائج الاستطلاع حقيقة مذهلة حول الحرب، وهي استياء الأفغان في منطقة البشتون (جنوب أفغانستان) من المقاتلين الأجانب، وإن فهم أغلبهم سبب قدومهم أو كيفية تقديمهم مستقبلا أفضل لا يختلف كثيرا عن فهم حركة طالبان لذلك. إنهم يشعرون أن أميركا وحلفاءها لا تحترم تقاليدهم.

عندما يشكو الرئيس حميد كرزاي من التحركات التكتيكية للقوات الأميركية، كما فعل مؤخرا في مقابلة مع صحيفة «ذي بوست»، فهو يعبر عن شعور الكثير من المواطنين الأفغان. فبدلا من الغضب من انفعال كرزاي، وهو رد الفعل المعتاد من المسؤولين الأميركيين، قد يكون من الأفضل الإصغاء إليه. يريد الأفغان استعادة وطنهم بعد 9 أعوام من الحرب.

لقد قامت قوات الناتو بعمل أفضل خلال الأشهر الـ6 الماضية من خلال كسب «قلوب وعقول» الناس في جنوب أفغانستان، لكن لا يزال هذا غير كاف لتحقيق نجاح دون إجراء بعض التغييرات. هذه هي قراءتي للاستطلاع الجديد الذي أجرته الباحثة الكندية نورين ماكدونالد، والتي أطلعتني عليه قبل أن ينشر.

تقدم استطلاعات الرأي التي تجريها نورين لمحة عن «حقائق أساسية» قد لا يلتفت إليها الصحافيون الزائرون للبلاد وربما صناع السياسة الأميركية. لقد أقامت نورين في قندهار ولشكركاه لأكثر من 5 سنوات لإجراء أبحاث لحساب «المجلس الدولي للأمن والتنمية»، وهي مجموعة خاصة تمولها مؤسسات في أوروبا، وتعمل نورين كمراقبة مستقلة فريدة لهذا الصراع.

أجرت نورين آخر استطلاع للرأي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد استطلاع آخر أجرته في المنطقتين الجنوبيتين في يونيو (حزيران) الماضي. وقد ضاعفت نورين هذه المرة من عدد المقابلات حتى تحصل على عينة جيدة من الناحية الإحصائية. وقد حصلت على أجوبة أفضل من سابقاتها في يونيو في الكثير من الموضوعات. لكن لا يزال أغلب المشاركين في الاستطلاع غير داعمين لمهمة الولايات المتحدة أو يدركون منطقها.

تشير الأرقام إلى استمرار قلق الأفغان حتى مع ضرب القوات الأميركية لحركة طالبان، حيث يعتقد 50 % من الذين شملهم الاستطلاع في أكتوبر الماضي أن العمليات العسكرية الأخيرة تضر بالأفغان، في حين يعتقد 58 % بأن التعاون مع القوات الأجنبية ليس صوابا، ويعارض 55 % العمليات العسكرية ضد حركة طالبان في منطقتهم ويقول 72 % إن الأجانب لا يحترمون دينهم.

أسس الرئيس أوباما استراتيجيته في ديسمبر (كانون الأول) الماضي على فكرة أن دفع القوات الأميركية حركة طالبان خارج قندهار وهلمند سيحسن الحكم المحلي وينهي الدعم الذي يحظى به المتمردون في هذه المناطق الرئيسية. وقد كان هناك تحرك في هذا الاتجاه خلال الشهور الأخيرة.

هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى أن فرضيات أوباما لم تثبت صحتها بعد، حيث يعتقد 31 % من الذين شملهم الاستطلاع أن قوات حلف الناتو تحمي السكان، بينما يقول 51 % منهم إن نظرتهم لقوات حلف الناتو أصبحت أكثر سلبية عن العام الماضي أو بالقدر نفسه من السلبية، ويقول 65 % إن المدنيين الذين تقتلهم القوات الأجنبية أكثر من العدد الذي تقتله حركة طالبان.

من ناحية أخرى تحسنت النظرة إلى الجيش الأفغاني والشرطة الأفغانية في هلمند وقندهار، لكن ليس بالقدر الكافي الذي يجعل الناس تثق في قدرتهم على تولي زمام الأمور. فيشير 52 % إلى كفاءة الجيش الأفغاني، بينما يشير 39 % إلى كفاءة الشرطة. لكن حينما يتعلق الأمر بقضية انتقال السلطة، فيعتقد 61 % بأن قوات الأمن الأفغانية غير قادرة على توفير الأمن في المناطق التي تنسحب منها القوات الأجنبية.

هذه هي أكثر الأرقام إثارة للرعب: في المنطقة التي كانت في السابق معقلا لأسامة بن لادن، يقول 81 % إن تنظيم القاعدة سيعود إذا عادت حركة طالبان إلى السلطة، ويعتقد 72 % بأن تنظيم القاعدة سيستخدم أفغانستان كقاعدة لشن هجمات ضد الغرب.

تعتقد نورين أن الأوان لم يفت بعد لتغيير هذه التوجهات، حيث توضح أن الولايات المتحدة وحلفاءها بحاجة إلى توضيح سبب قدومهم، وتفسير سبب تمتع الأفغان بمستقبل أفضل في حال التعاون مع قوات التحالف والحكومة الأفغانية.

على سبيل المثال، يريد الناس كهرباء، لذا تقترح نورين اختيارا بسيطا وهو: المستقبل معنا مشرق، بينما مع حركة طالبان مظلم. ولدى نورين خطة مبدعة من أجل تحسين صورة الولايات المتحدة أمام الشباب الأفغان وهي تقديم «منحة زواج» لمساعدة الشباب في الحصول على المال اللازم لتحقيق طموحاتهم الأكثر عاطفية.

على الجانب الآخر، صعد الجنرال ديفيد بترايوس من عملية مناهضة التمرد من خلال زيادة عدد الغارات التي تشنها القوات الخاصة الأميركية بمقدار 3 أمثال مقارنة بالعام الماضي. لكن توضح بيانات استطلاع الرأي الذي أجرته نورين أن الجانب «المتعلق بحماية السكان» لم يؤت ثماره بعد، فصحيح أن الميول تتحسن، لكن ليس بالقدر الكافي.

* خدمة «واشنطن بوست»