أغلى هدية في حياته وحياتي!

TT

طبيعي أن أهتم بسنة 1889؛ فقد ولد فيها العقاد وطه حسين.

وبعد ذلك وجدت أن المازني وتيمور وعبد الرحمن الرافعي أيضا. إذن هي سنة غريبة في تاريخ مصر.

ثم وجدت أن عددا من الفلاسفة العظام قد ولدوا فيها: الفيلسوف الألماني هيدغر والفيلسوف الفرنسي مارسيل والفيلسوف النمساوي فنجستين.. ثم هتلر ونهرو وشارلي شابلن وعميد المؤرخين أرنولد توينبي والأديب الفرنسي كوكتو والشاعرة الروسية أخماتوفا.

ثم سقوط حائط برلين سنة 1989.. وكان لي نصيب من هذا الحائط: اقرأ القصة..

في سنة 1950 سافرت لأول مرة إلى أوروبا، ولا بد أنني قابلت شبابا في مثل سني وقد نسيتهم، إلا واحدا ألمانيا فوجئت به قد احتفظ بصورتنا معا تحت (جسر التنهدات) في مدينة البندقية.. شيء عجيب!

الأعجب أنه جاء إلى مصر وسأل: من يكون هذا؟ قالوا له: كاتب مشهور.. فإذا به يطبع مقالا لي ومعه صورتي وتحياته، وأنه جاء إلى القاهرة ولم يتمكن من الاتصال بي. وترك تليفونه وعنوانه في برلين.

طبيعي أن أكلمه وأن يقول وأن أقول.. فقد تقدمنا في السن.. وهذه أحداث وقعت قبل خمسين عاما.

وأرسلت له تحياتي وسجادا عليه صورة عمر الشريف من فيلم (د. جيفاجو).. وشكرني كثيرا جدا.. وتشاء الصدفة أن أسافر إلى برلين ضمن وفد سياحي برئاسة د. ممدوح البلتاجي، وزير السياحة. واتصلت بصديقي – ولا أعرف كيف أكتب اسمه لأنه صعب جدا – واتفقنا على أن نلتقي. تصدق بالله لم أنم حتى الصباح كأنه موعد غرامي كان مستحيلا فصار ممكنا. وحان موعد اللقاء في الفندق وفي حضور وزير السياحة وعدد من المصورين ووكالات الأنباء.. ورأيته ورآني ورأيت دموعه من خلال دموعي.. وأحضان وقبلات.. وأعجب من ذلك أنه جاء بكوب من العصير شربت منه وشرب منه. وقال: هذه هي التقاليد الألمانية القديمة. والتقط صورنا د. البلتاجي.. ثم حدث شيء عجيب: لقد تقدم صديقي وفي يده لفافة في ورق ذهبي وانحنى وهو يقدمها لي ويشير أن أفتحها. وفتحتها فكانت قطعة من الحجر.. من حائط برلين، وهي أغلى الهدايا عند الألمان!

سألت زوجته أريد أن أبعث له هدية في عيد ميلاده. فقالت وقالوا واخترت أن أبعث له جلد أسد. وجاء جلد الأسد. وسعدت به الأسرة كلها إلا هو.. فقد مات قبلها بدقائق.. والله لقد هزني لقاؤه وزلزلني فراقه.. يرحمه الله كان صديقا نادرا في هذا الزمان!