يوم جاءت جولييت!

TT

عندما جاءت المطربة الفرنسية جولييت جريكو إلى القاهرة كان حدثا مهما خطيرا.. فهي تمثل الوجودية في الغناء. ولم أعرف كيف تمثل الفلسفة الوجودية في الغناء.. فأغانيها عادية وكذلك أداؤها.. إذن أين الوجودية؟ كنا كثيرين حولها: الشاعر صالح جودت والشاعر أحمد رامي والفنان الكبير صلاح طاهر والعالم الأثري كمال الملاخ ثم، والأهم منا جميعا، محمد عبد النبي صاحب أوبرج الأهرام وهو صاحب الدعوة وصاحب البرنامج، ولما رأى اهتمامنا الزائد بالمطربة الفرنسية أطال بقاءها في القاهرة، وفي الإعلانات أن هناك عددا من الشعراء يتقدمهم أحمد رامي والأديب الوجودي أنيس منصور.

والحقيقة لم أعرف ما الذي يمكن عمله.. ولا ما الذي يمكن أن تقدمه للناس.. ولا ما الذي وجدناه في سلوكها يجعلها فنانة وجودية، ثم ما الفنانة الوجودية؟

لقد كانت الفلسفة الوجودية (موضة).. أحد الأزياء الفلسفية في باريس عاصمة الأزياء.. وأخيرا وجدنا أنهم أطلقوا عليها هذه التسمية لأنها ترتدي فستانا أسود ضيقا يبرز كل مفاتنها. وبس. يعني أن الفستان الأسود هو الزي الرسمي للوجوديين في باريس!

ولما جلسنا إلى جولييت دار الكلام حولها وليس حول الفلسفة الوجودية. ونظرت إلى ملابسي فجاءت بالصدفة سوداء كلها.. الجاكت والبلوفر حول الرقبة أسودان.. وأنا لم ألف كرافتة واحدة حول عنقي مطلقا. وإنما خوفي الدائم من البرد هو الذي جعلني أرتدي الملابس الشتوية في عز الصيف. وكانت القاهرة في عز الصيف.

وسألتني جولييت جريكو سؤالا مضحكا، قالت: الوجوديون هنا عاملين إيه؟ وعاملين معاهم إيه؟

لا عندنا وجوديون بالمعنى الباريسي ولا الدولة تدري بهم. إنهم عدد من أساتذة الفلسفة والكتاب لا تربطهم ببعضهم البعض أي صلة.. تماما كالصلة التي بيني وبين جولييت جريكو.

وسألني صاحب الأوبرج: أنت تعرف أني أطلت بقاءها في مصر من أجلك فماذا فعلت؟ قلت.. وسألني: بس؟!

والتفت في أسف وقال: لو عرفت ذلك ما دعوتها إلى مصر!