الرئيس السوري ينتقد الفلسطينيين!

TT

انتقد الرئيس السوري، بشار الأسد، ربط الفلسطينيين مفاوضات السلام بموضوع وقف الاستيطان؛ حيث قال: «نحن ضد أن يكون الجوهر هو المستوطنات فهذا خطأ»، مضيفا: «القضية قضية أرض.. ونحن لا نتحدث في موضوع المستوطنات في الجولان. الأرض ستعود بمستوطنات أو من غير مستوطنات، إذ إن هذا الموضوع ليست له قيمة، ومن يريد التحدث عن عملية السلام عليه أن يتحدث عن الانسحاب من الأرض وليس عن المستوطنات»!

حسنا، وماذا لو فاوض الفلسطينيون الإسرائيليين دون اشتراط وقف الاستيطان؟ الأكيد أن السوريين كانوا سينتقدون محمود عباس، ومن خلفه من العرب، على التفريط في الأراضي الفلسطينية، وبيع القضية، وبكل تأكيد فإن حماس كانت ستنضم للهجوم أيضا على عباس والعرب. لكن هل ذلك يعفي السلطة الفلسطينية من النقد؟ بالطبع لا.

فحديث الرئيس الأسد درس جديد في كيفية إضاعة العرب للفرص، ولو كانت الفرصة هي إحراج الإسرائيليين، وكيف أن العرب وبخلافاتهم الضيقة يمنحون إسرائيل الفرصة تلو الأخرى لتحبط كل محاولة جادة للوصول إلى السلام المنشود، ناهيك عن إحراج من يريد مساعدتنا، مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما.

كنا، وما زلنا، ممن انتقدوا ربط المفاوضات بوقف الاستيطان، لأنها كانت خدعة إسرائيلية، فالكل يعلم أنه في حال التوصل للسلام فستتم إزالة المستوطنات مثل ما حدث في السلام المصري - الإسرائيلي، والانسحاب من سيناء، وهذا ما قاله أيضا الرئيس السوري أول من أمس، بأن «الأرض ستعود بمستوطنات أو من غير مستوطنات»، وبالتالي فإن الخطأ الذي ارتكبته السلطة الفلسطينية، ومعها العرب المعتدلون، كان الوقوع في فخ الإسرائيليين الذين فوتوا علينا فرصة حقيقية للتقدم في مفاوضات السلام بوجود رئيس مثل أوباما.

خطأ الفلسطينيين، ومعهم العرب المعتدلون، كان في تعويلهم على ما سوف يوجه إليهم من نقد من قبل الممانعين، مثل السوريين، لو أنهم دعموا موقف عباس في التفاوض وعدم اشتراط ربط المفاوضات بوقف الاستيطان. والمفارقة اليوم أن الرئيس السوري نفسه هو من ينتقد ربط المفاوضات بوقف بناء المستوطنات، علما أن السوريين أنفسهم رفضوا مرارا منح الفلسطينيين غطاء عربيا لمواصلة المفاوضات مع الإسرائيليين!

وعليه، فإن الدرس اليوم هو أنه مهما تمت مراعاة الممانعين في منطقتنا، فإن ممانعتهم مستمرة، لأنها أحيانا أحد أهم مصادر قوتهم، وليس بحثهم عن المنطق والمشروعية. فها هو الرئيس السوري، وفي نفس التصريحات، ينتقد واشنطن التي تحركت على المسارين السوري والفلسطيني، قائلا: «حتى الآن لا يوجد شيء حقيقي». وهذا التصريح وحده يلخص كل القصة، فالسوريون يريدون القول: وماذا عنا نحن؟ فهل فهم العرب، وقبلهم الأميركيون، الرسالة؟

الواضح أن دمشق تريد أن تقول إن من يتجاهلها في السلام سيدفع الثمن، والحقيقة أن المنطقة كلها هي التي تدفع الثمن، وإسرائيل هي المستفيدة دائما. ولذا فإن الدرس من كل ما حدث هو أنه على المعتدل مواصلة اعتداله، واستخدام كل أوراقه المتاحة دون الاكتراث بما يقوله الآخرون، من الممانعين والمتلكئين. فالعبرة دائما بالخواتيم، وليس بالشعارات التي أدمنّاها.

[email protected]