كم تمثل المصروفات والرسوم بالنسبة للتكاليف الفعلية للدراسة في الجامعات

TT

ترتفع، كل عام، مصروفات الدراسة في الجامعات بأكثر من معدل زيادة التضخم، مما يثير ردود فعل غاضبة من الشخصيات العامة. لكن سبب هذا الغضب غير واضح، فالمصروفات لم تعد ذات دلالة حقيقية.

إذا كان يتعين على الجامعات خفض التكاليف، فعلينا أن نكون واضحين في تحديد التكاليف التي يتعين خفضها. إذا كانت أسر الطلاب ستفهم الأعباء المالية المترتبة على التعليم الجامعي، فنحن بحاجة إلى قدر أكبر من الشفافية. وتحقيق هذه الأهداف سوف يتطلب أيضا تغييرا جوهريا في المفردات التي نستخدمها.

أولا، يتعين علينا أن ندرك أن المصروفات ليست مؤشرا على التكلفة الفعلية للتعليم الجامعي، ففي العديد من الجامعات الخاصة التي لديها أوقاف، تكون التكلفة الفعلية السنوية لتعليم طالب أعلى بكثير من المصروفات التي يدفعها. ودعونا نأخذ جامعة آيفي كمثال، فالمصروفات الدراسية بالإضافة لرسوم السكن والإعاشة تبلغ نحو 50 ألف دولار، لكن المبلغ الفعلي الذي تنفقه الجامعة على كل طالب يصل إلى 75 ألف دولار أو أكثر.

وهذا يفسر الزيادات المتكررة لمصروفات الدراسة كل عام؛ لأن الجامعات تحاول تعويض التكاليف الفعلية التي تفوق بكثير المصروفات المدفوعة. لكن هذه الزيادات تضيق الفجوة بصورة متواضعة للغاية. وعموما، تقوم الجامعات بتغطية الفرق بين ما يدفعه الطلاب وما تنفقه من خلال الأوقاف والتبرعات.

ثانيا، المصروفات ليست دليلا على قدرة الطلاب على تحمل تكاليف الدراسة، ففي كثير من المؤسسات التعليمية التي لديها أوقاف وأنشطة فعالة لجمع التبرعات، تقدم صناديق الأوقاف والمنح مساعدات مالية للطلاب. وربما تكون المصروفات الرسمية في جامعة آيفي 50 ألف دولار، لكن الخصومات المقدمة تجعل متوسط السعر المدفوع نحو 30 ألف دولار. لكن كثيرا من الطلاب يدفعون مبالغ أقل بكثير. وعندما يحاول شاب مقارنة المصروفات في الجامعات المختلفة، فإن العلاقة بين المصروفات المعلنة والمبلغ الذي سيتعين على الأسر تحمله غير واضح على الإطلاق.

وقد أقر الكونغرس عام 2008 قانونا يفرض على كل الجامعات الإعلان عن «التكلفة الصافية» للدراسة بها، وذلك بهدف مساعدة الأسر الأميركية على إدراك التكلفة المعلنة والتكلفة التي من المتوقع عليهم تحملها. وستكون قوائم «التكلفة الصافية» جاهزة بحلول عام 2011، ومن المتوقع أن تساعد على حل جزء من المشكلة، لكنها ليست كافية.

وبدلا من «الرسوم والمصروفات» و«المساعدات المالية»، يتعين علينا أن نحدد «التكلفة الإجمالية» لسنة الدراسة الجامعية، و«مساهمة الطالب» في هذه التكلفة والمبلغ الذي ستتحمله الكلية أو الجامعة.والآن، إذا قمت بزيارة موقع جامعة آيفي على الإنترنت، فمن المرجح أن تجد مفردات من هذا القبيل في التخطيط الأولي.

أما المخطط الثاني فيقترح بديلا أكثر بساطة، وهو أن النهج الذي نتبناه الآن فيما يتعلق بمصروفات التعليم، والذي لا يعكس لا التكاليف الفعلية ولا ما يدفعه الطلاب، له عواقب سلبية كبيرة، حيث إن الطلاب وأسرهم غير مهيئين للتفكير بصورة صحيحة في العبء المالي للدراسة في الجامعة أو ما يحصلون عليه في المقابل (والذي غالبا ما يكون أكثر مما يدفعونه). وإدارات الجامعات والكليات ليس لديها الأطر اللازمة لصنع القرار.

وعلى سبيل المثال، في حين توصف الأموال التي تدفعها الجامعات والكليات للأسر لمساعدتها على تحمل أعباء الدراسة بأنها «مساعدات مالية»، فإن الأموال التي تتحملها هذه المؤسسات لسد الفجوة بين المصروفات المعلنة التي يدفعها الطلاب والتكلفة الفعلية لا ينظر إليها كمساعدات. وهذا يعني أنه عندما تدرس الجامعات والكليات قرارات بشأن سياسة المساعدات المالية، على سبيل المثال، حول ما إذا سيتم إعادة القروض، فإن نوعا واحدا فقط من المساعدات المالية يتمتع بالحماية الكاملة؛ وهي المساعدات التي تقدمها الجامعات لأولئك الذين يستطيعون تحمل التكلفة الإجمالية. وربما يتعين أن تستخدم أوقاف الجامعات والتبرعات لدعم كل الطلاب، ولكن لأخذ هذا القرار وغيره من القرارات المتعلقة بخفض التكاليف وتحديد أولويات الميزانية، فنحن بحاجة إلى مفردات بسيطة وواضحة.

وعندما يتعلق الأمر بأعباء تعليم الشباب وما يطلب من الطلاب وأسرهم من مساهمة في تحمل هذه الأعباء، فإن الطلاب والأسر والجامعات وجميع المواطنين بحاجة إلى مفردات واضحة ومباشرة.

- الكاتب هو أستاذ العلوم الاجتماعية بمؤسسة «يو بي إس» ومعهد الدراسات المتقدمة في برينستون - نيو جيرسي.

* خدمة «واشنطن بوست»