وهذا المتحف الرائع في دمشق!

TT

على صفحات هذه الجريدة قرأت تحقيقا كتبه هشام عدرة حول تطوير المتحف الوطني بدمشق.. وكنت قد زرت هذا المتحف منذ أكثر من عشر سنوات وتمنيت أن يتم تغيير سيناريو العرض فيه، وأن تعرض كنوز المتحف الوطني بدمشق بأسلوب متطور يتناسب وجمال وروعة القطع الأثرية التي لا مثيل لها في العالم كله.

والمتحف الوطني بدمشق هو واحد من أقدم المتاحف في عالمنا العربي بعد المتحف المصري بالقاهرة، حيث يعود تاريخه إلى عام 1919.. وقد جاءت كنوزه الأثرية من خلال أعمال الحفائر التي تقوم بها البعثات الأجنبية والسورية داخل سورية. وتتنوع هذه الكنوز من آثار الإنسان الأول أو إنسان ما قبل التاريخ وحتى آثار الحضارات التاريخية وصولا إلى العصور اليونانية والرومانية..

ومن آثار ما قبل التاريخ توجد مجموعة من الأواني الحجرية والأدوات الظرانية التي تعود إلى الفترة المبكرة من تاريخ سورية وفلسطين. وقد لا يعلم الكثيرون أن تخصصي الثاني بعد الآثار المصرية هو الآثار في سورية وفلسطين، وقد درست فخار هذا العصر على يد العلامة الراحل جيم سور الذي كرس حياته لعلم الآثار، وكانت مساندته للقضايا العربية سببا في فقده لوظيفته بجامعة بنسلفانيا!

وفي المتحف الوطني بدمشق كما هو موجود في متحف بيروت أيضا آثار مصرية لملوك مصريين، خاصة من عصر الملك «رمسيس الثاني»، تشير إلى تبادل حضاري وعلاقات حضارية بين أقوى الحضارات في تاريخ الإنسانية في ذلك الوقت وقبل 2500 عام.. ويتحدث المتحف عن تاريخ سورية منذ معرفة الكتابة وحتى دخول الإسكندر الأكبر، وبعد ذلك فترات التاريخ اليوناني والروماني والإسلامي حتى التاريخ الحديث. أما المفاجأة هنا فهي أن سيناريو العرض للآثار سوف يتم تغييره، وسيكون بنفس طريقة العرض التي تنفذ داخل المتحف المصري بالقاهرة.. وقد بدأت القصة مع الجانب الإيطالي وعرضت عليهم أن تظهر آثارنا لأول مرة من خلال شرح كامل للطريقة التي كُشف بها الأثر وعن المكتشف نفسه.. أي أننا نظهر الأثر من خلال البيئة الأثرية التي خرج منها، لكي يتحول المتحف إلى منارة ثقافية وتعليمية.. وهذا الأسلوب الجديد في العرض الذي سوف ينفذ كذلك بمتحف دمشق هو ما سيميز متاحفنا عن المتاحف العالمية بأوروبا وأميركا، وهذا النوع من السيناريو يتطلب أسلوب إنارة وعرضا متحفيا من نوع خاص، وأنا على ثقة أنه لا يوجد في العالم كله متاحف يمكن أن تنافسنا في ذلك..

أرجو أن تبدأ الدكتورة هبة السخل، مديرة المتحف بعمل الدعاية الكافية للمتحف وتوثيق التبادل العلمي مع متاحفنا الأثرية في العالم العربي، لكي نستطيع أن ننافس في هذا المجال الحضاري.. وبالتالي يمكننا تقديم برامج وعي أثري ممتعة لمواطنينا للتعرف على حضاراتنا وإسهاماتها للإنسانية كلها..

لقد كنا يوما على قمة العالم أعطيناه حضارة وعلما وحملنا شعلة العلم والعمل.. فهل نحن قادرون على استعادتها مرة أخرى؟

الإجابة عن هذا السؤال عند كل من هو مسؤول في موقع تعليمي أو ثقافي ببلادنا.. الطريق طويل لكن لا بد أن نبدأ بالعلم والعمل لكي نبني مستقبلا عظيما.