بصيغة المثنى

TT

التقينا؛ الأستاذ أنيس منصور وأنا، في عرس الأمير عبد العزيز بن فهد، الذي بدا مهرجانا من مهرجانات الرياض. ومن دون أي قصد أو عمد، وجدنا نفسينا، أنيس وأنا، جنبا إلى جنب، سواء في الجلوس أو في طوابير المهنئين. وكنت أتوقع ظهور خبيث ما طوال الوقت، لكن بقي أن أعرف متى وأين. ثم كرّوا، الواحد بعد الآخر: «لا ينقصكما سوى صورة النجمة التي تنشر بين الزاويتين كل يوم».

ولا أدري من المسؤول عن اختيار الصورة اليومية، لكن من ناحية ذو حس جمالي، ومن أخرى متآمر في تظهير، أو تأكيد، ما ينقص رجل اليمين ورجل اليسار، من صبا وجمال، على ما قال «الأخطل الصغير» وغنى محمد عبد الوهاب. وقيل يومها إن الأخطل الصغير نظم القصيدة في تتويج جميلة الخليل، أول ملكة جمال في لبنان، ومطلعها:

الصبا والجمال بين يديك

أي تاج أعز من تاجيك

ويحدث أحيانا أن يرتفع مستوى جميلة الصورة، ولا يتغير شيء في واقع جاريها، فتزداد المؤامرة ضررا. وذات مرة اتصل بي الدكتور عبد المحسن العكاس، الذي طالما اتكلت على صداقته ومودته، وقال لي: «مجرد سؤال بسيط.. إذا كان أمامك الخيار بين صورة نيكول كيدمان وبين زاويتك، ماذا تفعل؟».

يداري الكهول بعضهم بعضا، أما اليافعون فلا وقت لديهم إلا للصراحة المطلقة. وفي لقاء مع الأمير سلمان بن عبد العزيز في جدة قبل فترة، راح الأمير بندر بن سلمان يمارس هوايته الكبرى بلا انقطاع.. التقط عشرات الصور، وعندما وجدت الفرصة مناسبة سألته إن كان في الإمكان الحصول على بعض النسخ.. ووعدني خيرا، لكنه توقف ليقول: «أنت أكبر بكثير مما تبدو في الصورة». هل تناقش خبيرا؟

الجلوس إلى جانب أنيس، عرض كلينا، لما يسمى بالمعاينة الشخصية. وجعل كثيرين في وضع حرج: يجب عدم تقديم جار على آخر، ولذلك خوطبنا غالبا بصيغة المثنى.. وكان السؤال المتفق عليه بين الجميع: كيف تكتبان كل يوم؟ وكان أنيس يتوارى خلف تواضعه، في حين أتولى التوضيح أنه، بصيغة المثنى، يكتب زاويتين كل يوم، «الثانية في الأهرام»، في الموقع نفسه من الصفحة وفي الموقع نفسه من إعجاب القراء.

يجمعنا، أنيس وأنا، على الدوام، مجلس الأمير عبد العزيز بن فهد، فيما يجمع من زملاء ورجال فكر وشعراء وأهل فن، وطبعا من رجال فقه وأهل علم. وكما أن في البرلمان اللبناني كرسيا خاصا لرئيس السن، هكذا لنا كرسيان في مجلس الأمير.. أيضا بصيغة المثنى.