ليس عندي كلام أقوله!

TT

ذهبت أهنئ د. بطرس غالي على سلامته بعد أن خرج من أحد مستشفيات باريس.. إزيك يا دكتور. قال: كويس. فهذه أحسن صورة ممكنة لرجل عنده 88 سنة ومصاب بمرض كذا وكذا.. وقد فقد الاهتمام بأي شيء.. ولذلك يجب ألا يكون له رأي.. أي لا يقول ولا يقال نقلا عنه.

قلت له: ما رأيك في الوضع العجيب في الشرق الأوسط؟ فقال بسرعة: أنا قلت لك.. ماذا قلت؟ قال: إن مثلي لا يصح أن يقول شيئا، فأنا لم أعد أهتم بأي شيء.. وإنما كل همي هو أن أستطيع أو لا أستطيع أن أذهب إلى دورة المياه.. وهل نسيت الدواء الفلاني في الوقت المناسب، ده اسم الدواء الجديد الذي وصفه الطبيب، وإن كان مفيدا - وبس.. فهذا كل اهتماماتي في هذه الدنيا.. فقد قلت كثيرا عندما كنت قادرا.. أي عندما كنت قادرا على أن أهتم بأي شيء.. أما الآن فلم يعد لي أي اهتمام بالعالم من حولي.. وعلى ذلك فلا إجابة عندي لأي سؤال، فكأنني لا أسمعك وإذا سمعتك فهو منتهى الأدب واللطف مني. ويجب أن تكون مؤدبا مثلي فلا تسألني.. أقول لك حاجة.. آخر حاجة إن معظم الذين يتكلمون في مصر يجب أن يسكتوا لأنهم لا يعرفون ماذا يقولون.. بس يا أخي وجعت دماغي. قل لي إزيك أنت.. أنا.. وأنا..

قديما قالها أستاذنا العظيم سقراط: تكلم حتى أراك.. أي تكلم حتى أعرف من أنت وما معنى ما تقول وأنا أسمعك لأنني أريد أن أعرف.. ولكن إذا كنت لا أسمعك ولا أريد أن أعرف فالسكوت من ذهب..

وقديما قالها الفيلسوف الألماني روزنبرغ بعد لقاء ساعتين مع هتلر: لديه الكثير الذي يقوله.. وكل ما يقول جديد حتى لو ظل يتكلم ليلا ونهارا.. فمن أين يأتي بكل هذا؟ الشباب والحيوية والفلسفة والمتعة في أن يقول والمتعة في أن تسمعه..

هو يجد ما يقول لأنه مهتم بكل شيء!