سكينة أشتياني تربك إيران

TT

لم يتسن لمحكوم أو محكومة بالإعدام، أو بالرجم، في إيران، وهم كثر، نيل فرصة الظهور الإعلامي المتكرر كما هو الحال مع الإيرانية سكينة أشتياني. فمن أعدم أو من ينتظر حتفه في إيران غالبا ما سيق إلى الموت دون كثير جلبة.

لكن خلال الشهرين الأخيرين، ظهرت المحكومة بالرجم وبالإعدام سكينة أشتياني 3 مرات على الأقل أمام الإعلام، واحدة منها في فيلم تدلي فيه باعترافات مزعومة بالمشاركة في قتل زوجها. بعد الفيلم الذي يبدو أنه لم يخفف من الحملة العالمية ضد إيران، عادت أشتياني وظهرت في مؤتمر صحافي ومرة أخرى في لقاء عائلي خاطبت فيه الإعلام بقولها: «انسوا قضيتي».

لم يفهم أحد كيف جرى السماح بخروج أشتياني من السجن للقاء عائلي مصور أو كيف صرح بعض القضاة الإيرانيين باحتمال تخفيف الأحكام الصادرة ضد أشتياني منذ 4 سنوات.

في الفيلم الذي أعده التلفزيون الإيراني، وهو فيلم أُعد بحرفية تلفزيونية مقبولة، تظهر سكينة في منزلها وهي تعيد تمثيل جريمة مقتل زوجها وتدلي فيه بتفاصيل عن تخدير الزوج ومشاركة شخص في الجريمة. لكن تلك الاعترافات المزعومة كلها بدت فيها سكينة جامدة وكأنها آلة، حتى في لحظة قولها: «لقد عشت مع زوجي 23 عاما.. وانظروا ما فعلت به».. لم يغادر ذلك الجمود ملامحها وبدت كمن يردد كلاما من دون تفكير.

لقد حاول الفيلم، وفيه صور حقيقية لجثة الزوج القتيل بعد صعقه بالكهرباء وشهادة طبيب، أن يقنع الرأي العام الغربي أولا وليس الإيراني بأن سكينة مجرمة.

لكن، هل حقا اعتقدت السلطات الإيرانية أن أداء أشتياني في الفيلم وظهورها مع ابنها وتنديدها بالحملة الداعمة لها ومطالبتها العالم بأن ينسى قضيتها هو ظهور مقنع كاف ليخفف من الحملة ضد إيران؟!

لا ندري ما إذا كانت اعترافات سكينة حقيقية فعلا أم لا، وليس نادرا في إيران أن يرغم الناس على الإدلاء بتصريحات بعينها، لكن نادرا ما يمنح المحكومون بالإعدام فرصة الدفاع عن أنفسهم أمام الإعلام.. سكينة ظهرت أمام الإعلام لتدافع عن النظام وليس عن نفسها.

ما فات السلطات الإيرانية أن الحملة ضد إيران في قضية سكينة تحمل بعدين: الرفض العالمي لمبدأ عقوبة الإعدام بحد ذاتها، وإيران من الدول الأكثر تطبيقا لهذه العقوبة، وثانيا، وهو الأهم: أن الحكم الثاني ضد أشتياني، أي الرجم، عقوبة همجية لن تجد لها رأيا عاما مؤيدا مهما كان الجرم المعترف به. وإيران نفذت عقوبة الرجم خلال العقود الثلاثة الأخيرة ما لا يقل عن 69 مرة، بحسب الإحصاءات الرسمية المعلنة، أما الأرقام الدولية فتشير إلى أن الرقم تجاوز المائة.

قد تستطيع إيران الصمود في وجه العالم في قضايا سياسية عدة، مثل السلاح النووي ودعم حركات مسلحة في دولة هنا وهناك، لكنها ستبقى عاجزة في قضية سكينة أشتياني؛ لأن ميدان التنافس هنا هو الرأي العام والحريات وليس الحق في حيازة سلاح نووي أو في دعم أحزاب خارج الحدود.

diana@ asharqalawsat.com