زهقت فقد ترجمت كثيرا!

TT

لا أعرف كيف استطعت في سن صغيرة سنة 1950 أن أترجم في صحيفة «الأهرام» «مذكرات روميل». وعندما رأيتها أخيرا هالني أنها طويلة. ولم أشعر بذلك عندما ترجمتها. شباب وحيوية وإقبال على الحياة.. ثم ترجمت «ثلاثة ضد روميل» في صحيفة «الأهرام» أيضا.

وفي مجلة «آخر ساعة» ترجمت «مذكرات تيتو». وفي صحيفة «الأخبار» ترجمت «مذكرات دوق وندسور». إن هذه المذكرات طويلة جدا. كيف؟ لا أعرف. شباب وحيوية وتأكيد للذات أن أترجم من لغات مختلفة!

وعندما حاولت أن أترجم مذكراتي باللغة الإيطالية وقد ساعدتني فيها إحدى الصديقات فهي التي راجعت وعدلت وصححت والشكر لها.. أضع المذكرات أمامي ولا أقوى على ترجمتها إلى العربية مع أنها لا تزيد على ثمانين صفحة!

وفي يوم من الأيام طلبني الأستاذ أحمد الصاوي محمد الكاتب الكبير ورئيس تحرير مجلة «مجلتي»، وقال لي: إن الأميرة هان زاده تريد أن تمر عليها.. ومن هي هان زاده؟ لا أعرف. ذهبت إلى الأرشيف أقرأ عنها.. وأرى صورها.. يا دين النبي.. إنها جميلة. إنها فتنة. وهي تريدني. ومن أنا؟ وسألت فقال إن الأميرة عندها قصة.. تريد أن تعرض عليك القصة. كتبتها بالإيطالية. وطلب مني الأستاذ الصاوي أن أذهب إلى ترزي مشهور ليفصل لي بدلة جديدة.. وقمصانا جديدة وكرافتة وأن أشتري جزمه جديدة.. وأن أنحني إذا صافحتها.. وأن ألمس بشفتي يدها.. لا أقبلها. فاهم؟ قلت فاهم. وجاءت سيارة «رولز رويس» وفتح لي الباب رجل أنيق جدا كأنه السفير الفرنسي. وسارت العربية وأنا في دوار لا أعرف المعنى والمناسبة ولماذا أنا بالذات. يا ترى ماذا؟

وجاءت اللحظة وظهرت الأميرة.. يا دين النبي.. ما هذا الجمال؟! الله. ولا بد أنها لاحظت اضطرابي واللخبطة في الحركة في القيام والصعود والكلام. وفهمت من كلامها الجميل الذي يزفه جمالها وشياكتها وعطرها. وفهمت أنها تريد ترجمة هذه القصة إلى العربية مع إضافة الجمال اللغوي والأدبي. وسألت الأستاذ الصاوي ماذا أفعل فقال: اكتبها على كيفك.. اكتب كما تريد.. فحولت القصة التي في صفحة ونصف الصفحة إلى رواية في 94 صفحة.. وظهرت مذهبة في جلد مذهب ولوحات فنية. وحاولت أكثر من مرة أن أترجمها وأقول طبعا إنها للأميرة! إيه رأيك لم أستطع؟ ونفرت منها ونحيتها كأنها أي شيء سيئ السمعة. لم أعد قادرا على ترجمة للآخرين ولا لنفسي. لماذا؟ هذا ما حدث!