حتى لا يكون مصيرنا كالنملة!

TT

يحكى أن نملة كانت تأتي إلى العمل متأخرة، غير أنها تبدأ بعملها فورا، واشتهرت بإنتاجيتها الملحوظة وسعادتها الغامرة في العمل. وعندما رآها المدير العام الأسد، تعمل من دون مسؤول مباشر، استغرب ذلك بشدة، فتساءل: «إذا كانت هذه النملة تنتج كل هذا العمل من دون مسؤول مباشر، فكيف سيكون حالها لو أن أحدا من المسؤولين أشرف عليها؟». فوظف الأسد صرصارا كمدير جديد عليها، إذ اشتهر بحسن إدارته وكتابته لتقارير جيدة.

وكان أول قرار يتخذه الصرصار هو وضع نظام البطاقة الزمنية للحضور والانصراف. وبطبيعة الحال احتاج إلى تعيين سكرتيرة لتساعده على طباعة تقاريره ومساعدته في الأمور المكتبية. ثم عين بدوره عنكبوتا ليدير له الأرشيف ويرد على المكالمات الهاتفية. وكم كان المدير العام الأسد في غاية السرور والانشراح وهو يقرأ تقارير الصرصار، فطلب منه أن يضيف رسومات بيانية وأخرى توضيحية لتشرح معدل الإنتاجية بصورة مبسطة، حتى يتسنى له عرض ذلك على أعضاء مجلس الإدارة. وعليه فقد اضطر المدير الصرصار إلى شراء حاسوب جديد وآلة طابعة فضلا عن تعيين ذبابة لتدير قسم تقنية المعلومات (IT).

غير أن النملة المسكينة قد كرهت عملها بعد أن كانت منتجة مسرورة، بسبب كثرة الروتين والأعمال الورقية والاجتماعات التي أهدرت جل وقتها. أما الأسد فرأى أنه قد آن الأوان إلى تعيين مسؤول عن القسم الذي تعمل فيه النملة، فكان المنصب من نصيب الجرادة التي كان أول قرار لها هو شراء سجادة وكرسي وثير وحاسوب وطابعة، فضلا عن تعيين سكرتيرتها السابقة.

خيم شعور بالكآبة والرتابة على القسم حيث تعمل النملة، وغادرته أجواء السرور والألفة. وحينما لاحظت الجرادة ذلك أفلحت في إقناع المدير العام الأسد بضرورة عمل دراسة لمعرفة أسباب تدهور حماسة الموظفين. وبعد إطلاعه على أداء القسم الذي تعمل فيه النملة ومصاريفه الإجمالية، لاحظ انخفاضا ملحوظا في الإنتاجية، مقارنة بالسابق. فعين مستشارا مرموقا وهو طائر البومة ليقترح عليه جملة من الحلول المناسبة. أمضت البومة 3 شهور في دراسة القسم وأدائه ثم جاءت بتقرير مفصل، خلاصته أن «عدد موظفي القسم يفوق حاجته overstaffed». فمن يا ترى قرر الأسد فصله؟! وقع الاختيار بكل تأكيد على النملة المغلوب على أمرها، لأنها كما قيل «لم يكن لديها الحماسة الكافية وكان سلوكها سلبيا!».

هذه القصة الرمزية، التي وصلتني من أحد القراء وترجمتها بتصرف، ترمز إلى أن هناك الكثير من القرارات الإدارية المتسرعة في تعيين موظفين يفوق عددهم الحاجة، فيصبحون عبئا إداريا وماديا على المنظمة، وسببا في البطالة المقنعة، ومصدرا لإزعاج زملائهم المنتجين الذين كان يمكن أن يؤدوا عملهم بكل تفان وحماسة وبأقل تكلفة ممكنة.

انتقاء الموظفين يجب أن يكون بعناية فائقة حتى لا نفسد أجواء العمل المنتجة والمتحابة بين الموظفين. فكم من إدارة انقلبت فيها أجواء الأنس والسرور والإنتاجية إلى حلبة من الصراعات والنزاعات التي ليس لها داع، لأن المدير العام أو الوكيل أو الوزير متسرع في قراراته أو أنه يأبى إلا أن يعين أحد المقربين إليه في مكان لا يحتاج إليه. ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا ‏ ‏وسد ‏ ‏الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة».

[email protected]