جامعتنا التي أفاقت!

TT

يبدو أن جامعتنا العربية قد أفاقت أخيرا بعد طول سبات؛ فها هي تقوم بخطوة مهمة، حيث قررت وقف مشاركة وفود ليبيا في الجامعة العربية، وذلك خلال الاجتماع الطارئ الذي عقدته الجامعة أول من أمس بالقاهرة لمناقشة المجازر التي يرتكبها النظام الليبي بحق مواطنيه.

وعندما نقول أفاقت فذلك ليس تجنيا على الجامعة، أو أمينها السيد عمرو موسى، بل إن المسألة أقدم من فترته الحالية، فلو أن الجامعة تعاملت بمثل هذا الأسلوب منذ فترة طويلة لما وصل الحال العربي لما هو عليه اليوم من ترد وترهل في جل الأوطان العربية، ولو اتخذت الجامعة مثل هذا الموقف من قبل أيضا لما وصل حال انتهاك كرامة المواطن العربي للحال الذي رأيناه من قبل، ونراه اليوم. فبالأمس، وقبل عصر الفضائيات والإنترنت، وغيرهما، لم نكن قادرين وقتها على الاطلاع على ما فعله صدام حسين، مثلا، بحق الأكراد، وبالطبع فإن هناك أمثلة أخرى أقسى وأسوأ، وقد يقول قائل إنه بالأمس لم تكن الرؤية واضحة، كما لم تكن الصور فاضحة، لكن الجامعة العربية وبعضا من العرب كان على اطلاع وعلم بحقيقة ما يجري، فلو أن الجامعة العربية أزالت عنها القيد غير المقبول وغير المنطقي والمسمى بشرط الإجماع، حيث يشترط على كل قرار أن يصدر بالإجماع، لكان وضعنا ووضعها أحسن بكثير، بل والمصداقية أكبر.

لو اتخذت الجامعة قرارات مماثلة لما اتخذته بحق ليبيا قبل أول من أمس في القاهرة لربما كان الحال العربي أفضل، ولو بقدر قليل. فتخيلوا لو أن الجامعة اتخذت مثل هذا القرار الأخير الذي اتخذته بحق ليبيا بحق صدام حسين يوم غزا الكويت، بدلا من قمة الأطباق الطائرة الشهيرة تلك التي عقدت في مصر يومها، وتخيلوا لو أن الجامعة اتخذت نفس القرار بحق السودان يوم تعرض الرئيس المصري وقتها محمد حسني مبارك لمحاولة اغتيال، أو حين استضاف السودان أسامة بن لادن، أو كارلوس الإرهابي. وتخيلوا لو اتخذت الجامعة نفس القرار يوم اتهم النظام الليبي بمحاولة التخطيط لاغتيال الملك عبد الله بن عبد العزيز يوم كان وليا للعهد، وتخيلوا وتخيلوا، والقائمة تطول بالطبع، فلو أقدمت الجامعة على ذلك منذ زمن فإنها ستكون هي من أسس لمرحلة أخلاقية في عالمنا العربي أفضل مما وصل له الحال اليوم بكل تأكيد.

وبالطبع، فإن الجامعة العربية ليس بيدها عصا سحرية، ونعلم أن أمينها الحالي السيد عمرو موسى من أشد المنادين بالإصلاح، كما أن المماحكات العربية قد أفسدت عمل الجامعة أكثر مما أصلحت، لكن كان بوسع الجامعة أن تقوم بجهد يؤسس لحفظ كرامة المواطن العربي، فيكفي لو أن القرارات لم تكن بالإجماع ليطلع المواطن العربي، على الأقل، على من صوت للديكتاتور ومن صوت ضده.

وعليه، فإن كل ما نتمناه اليوم أن لا تكون إفاقة الجامعة العربية مؤقتة، بل نتمنى أن تكون صحوة تدوم لكي لا يعشش بيننا الطغاة.

[email protected]