ما أقل الذين يدللون الفقراء

TT

لم أحسد إنسانا على وصفه وتعبيره قدر ما حسدت أحدهم عندما كنت واقفا معه في الصحراء الجرداء في الظلام الدامس، ونحن رافعين رأسينا للسماء نتأمل النجوم، وذلك عندما قال لي:

انظر يا مشعل، أليست هذه النجوم كأنها جواهر الماس على بساط من المخمل الأسود؟!

وبالمقابل لم أحمد الله بقدر ما حمدته أنني لست مثل ذلك الإنسان الذاهل عندما كنت واقفا معه أيضا في صالة مكتظة في مناسبة اجتماعية، عندما أتى ابنه الشاب ليسلم علينا، فقال له والده وهو يصافحه: مساء الخير يا ابني، كيف حال والدك؟!

ولا أستبعد أنني (أسخم) من ذلك الرجل الذاهل، وذلك عندما عدت إلى منزلي في الليلة البارحة وسألت العاملة في منزلي كالعادة إن كان هناك أحد اتصل بي؟!

فقالت نعم، سألتها من؟!، فذكرت لي (اسما رنانا من علية القوم)، فسألتها جذلا وفرحا وغير مصدق: هل هو الذي اتصل بنفسه؟! قالت: لا، ولكنه (السنترال)، قلت لها بتلهف: إن شاء الله أخذت رقم تليفونه؟! قالت: لا، فصرخت بوجهها: لماذا يا هبلة؟!، قالت: إنه عندما عرف اسمك، اعتذر قائلا آسف لقد اتصلنا بالغلط، نحن نريد شخصا آخر، وأغلق الخط بوجهي.

عندها أصبت بإحباط ما بعده إحباط، (ويا فرحة ما تمت).

* * *

في مقابلة مع الراحلة الأم تريزا في الهند سئلت عن ردها على القائلين: إنك بإطعامك للفقراء إنما أنت تدللينهم ولا تحلين أيا من مشكلاتهم، فأجابت بابتسامة:

أحمد الله على وجود مؤمنين يدللون الفقراء، فيما الكثير من الناس يدللون الأغنياء.

* * *

اسمحوا لي أن أورد لكم هذه الأبيات:

إن الذي بيني وبين بني أبي

وبين بني عمي لمختلف جدا

فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم

وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا

ولا أحمل الحقد القديم عليهم

وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا

* * *

سألني أحدهم سؤالا غبيا عندما قال: ما هو الجمال؟!

فرددت عليه بمثل ما قال (أرسطو): هذا السؤال لا يطرح إلا على العميان، وأنا عيناي (مفرصعتان)، الأولى نظرها (6 على 6)، والثانية (نص ونص)، يعني شبه أعور.

[email protected]