نهاية سربلة

TT

منذ 25 يناير (كانون الثاني) وأميركا متسربلة بأحداث المنطقة. مع الثورة والتغيير ومع «المحافظة على المعاهدات والمواثيق المعقودة». اعتبرت القذافي لاغيا، ورفضت الاعتراف بالمجلس الوطني الجديد، كما فعلت فرنسا. ترددت في قرار الحظر الجوي حذرا من رد فعل عربي، ولما اتخذ العرب قرارا من هذا النوع لأول مرة في تاريخهم، تحولت أميركا في مجلس الأمن إلى دولة حيية تقف على خواطر الدول الأخرى. لكنها لم تقف على خاطر أحد عندما استخدمت الفيتو قبل أسابيع لصالح المستوطنات الإسرائيلية ونتنياهو، الذي اعتاد مقابلة رؤساء أميركا، وخصوصا أوباما، بالازدراء والعجرفة.

أحد أسباب نزول المتظاهرين إلى دوار اللؤلؤة، مدفوعين بدعم إيراني علني، هو علاقة المنامة بالولايات المتحدة. وطالما نزل المتظاهرون إياهم يصرخون ويهتفون في وجه السفارة الأميركية في البحرين. وإذ تطلعت المسز كلينتون (خلف المسز أولبرايت) إلى المشهد، اختارت أن تنتقد تصرف الدولة وتدعو إلى الحوار. وربما لم يبلغها السفير أن البحرين أول من سارع إلى عرض الحوار، وأن الملك كلف ولي عهده بهذه المهمة.

يجب الإقرار بأن أحداث المنطقة فاجأت الجميع وسربلت الجميع. المشير علي عبد الله صالح قال إن أميركا وإسرائيل خلف مظاهرات صنعاء ثم اعتذر. وأميركا شجعت المتظاهرين ثم دعتهم إلى الكف عن ذلك. ومنذ بدء الثورة على القذافي والثوار يقولون إنهم يرفضون أي تدخل خارجي، لأن هذه بلاد عمر المختار داحر الاستعمار الإيطالي. ولكن كيف تفرض حظرا من الجو من دون أن يكون لك ولو مدرجات على الأرض، أو محطة وقود.

حدثني منذ فترة الأستاذ عبد الرحمن شلقم من نيويورك. وقال إن الشعب الليبي يذبح كل ساعة ولا مفر من حظر جوي، ولا بد من أن تدعو الصحافة العربية إلى ذلك. وخذلت الدكتور شلقم كما خذلت نفسي. فكيف أدعو إلى حظر جوي والمجلس الوطني نفسه والعرب (قبل قرار الجامعة) يدعون أنهم لا يريدون ذلك، فيما كتائب القذافي تدك الشعب برا وبحرا وجوا لاستعادة مصافي النفط.

لا أدري كم تأخر قرار مجلس الأمن بالحظر الجوي و«كل الإجراءات الضرورية». ربما لأن الدول لم تكن تتوقع أن يوافق القذافي فورا يوم الجمعة، ماسحا تصريح الخميس للتلفزيون البرتغالي عن تحويل المتوسط إلى مقبرة للطائرات المدنية. صدقوه بسبب سابقة لوكربي.