قرار عظيم.. تبقى النهاية

TT

يراقب العالم بتمعن شديد نتاج تبعات قرار مجلس الأمن بفرض حظر جوي على السماء في ليبيا، وذلك لوقف جماح الآلة الفتاكة لجيش معمر القذافي، الذي أسقط آلاف القتلى والجرحى من أبناء شعبه بشكل همجي. وأكدت دول كفرنسا وإيطاليا والنرويج والإمارات وقطر وغيرها انضمامها للقوات المنفذة لهذا الحظر، وأنها سوف تكون معنية بتنفيذ مهام دقيقة تشمل ضرب المطارات والآليات المضادة للطائرات، وحتى الطيارات الحربية نفسها التي تخالف الحظر، وهي مسألة تأتي لصالح الثوار الذين وصلت حركتهم للخلاص من حكم القذافي إلى 90% من الأراضي الليبية، قبل أن يتبدل الحال نتاج استعانته بأسطول طائرات واستقدام بعض الطيارين الحربيين من دول «شقيقة» وغيرها، وكذلك تمت الاستعانة بأرتال من المرتزقة من أفريقيا وأميركا اللاتينية، وتم إحداث أضرار هائلة في صفوف الثوار.

القرار الأممي هذا جاء في توقيت مناسب وحيوي، وإن كان متأخرا بعض الشيء، لكنه مفيد، ويؤكد أن العالم بأسره اليوم اتفق بشكل واضح على أن نظام القذافي يجب أن ينتهي، وليبيا يجب أن يتم تحريرها من هذا الوضع الشاذ فورا. وقد أحسنت بعض الدول العربية صنعا، وتحديدا دول مجلس التعاون الخليجي ولبنان، بالحراك الدؤوب والمركز مع المجتمع الدولي في أوروبا وفي الأمم المتحدة للإسراع في إصدار القرار المنتظر، على الرغم من وجود أطراف دولية رافضة لهذه الخطوة أو مترددة بشأنها بشكل يربك الآخرين ويهدد إصدار القرار. وأظهر بعض العرب الذين تبنوا هذا الحراك مسؤولية وقيادة لافتة، وأمسكوا بزمام المبادرة بشكل أجبر العالم على احترام الرأي والسير معهم، إضافة طبعا إلى أن حجم المشكلة الإنسانية ومظاهر القتل والتدمير أجبرا العالم على اتخاذ هذا الموقف الأخلاقي والإنساني.

النظام الليبي لم يترك له أي شريف أو محترم يدافع عنه، ولم يبق معه إلا «جرذان» و«مرتشون» كما يصفهم دوما. الأمم المتحدة توجه بقرارها هذا رسالة أخلاقية بأن إبادة الشعوب من قبل الموتورين أمثال القذافي مسألة لا يمكن القبول بها، وأن ما كان يفعله وغيره يوما ما في الخفاء والسر وبعيدا عن عيون الكاميرات وآذان المراسلين وشاشات الإعلام الجديد لم يعد اليوم ممكنا.

بدأت أمس فعليا معركة خلع جذور آخر مراحل حكم القذافي المقيت، وأصبحت لدى ثوار ليبيا الشرفاء ذخيرة فولاذية قوية تتمثل في رأي المجتمع الدولي بأسره، ولم يعد من الممكن القول إنهم وحدهم في وجه معركة عظيمة. القذافي الذي حاول أن يقنع العالم بأنه يواجه تنظيم القاعدة الذي يوزع حبوب الهلوسة على شعبه، عليه أن يحاول إقناع باقي مؤيديه كيف تمكنت «القاعدة»، وما نوع حبوب الهلوسة التي وزعت على العالم للحصول على قرار الحظر الجوي الأخير هنا.

نهاية القذافي باتت قريبة، وهذا وحده سيكون استجابة لدعاء من عانوا منه ومن حكمه.

[email protected]