السوريون والشكوى من الإعلام

TT

تشكو دمشق مما تسميه التهييج الإعلامي، وذلك على أثر تغطية الإعلام لأحداث المظاهرات في قرابة سبع مدن سورية، ناهيك بالطبع عن أحداث العنف والقتل بحق المتظاهرين في مدينة درعا جنوب سورية.

والحقيقة أن الإعلام الدولي تحديدا، وجل الإعلام العربي عموما، لم يلتفتا لما يحدث في درعا إلا مؤخرا، رغم وفرة الصور على موقع «يوتيوب». لكن الوضع بالطبع تغير بعد ارتفاع نسبة القتلى، وطريقة القمع العنيفة التي اتبعتها السلطات السورية مع أهل درعا، ومع المتظاهرين في مناطق مختلفة، وهذا أمر طبيعي، فعندما يكون هناك قتلى فلن يكون بوسع النظام، أي نظام، أن يتذمر من الإعلام، أو يعتبر ما يحدث في بلاده شأنا داخليا، كما أن الإعلام لا يمكن أن يسكت، أو يصرف النظر عما يحدث.

ولذا قلنا في مقال يوم الخميس الماضي إن نصيحة الجمعة الذهبية هي: لا تطلق النار.. لا تقتل، فالقتل يفجر الأوضاع ويؤزمها، والطريقة الأنجع هي أن ترفع المظالم، ويتم التجاوب مع مطالب الناس باحترام، خصوصا أن ما يحدث في سورية ليس أمرا خارجيا أبدا، بل هي مطالب حقيقية. والدليل أن تصريحات دمشق الأخيرة تعترف بذلك، حيث وعدت الحكومة بحريات إعلامية، وقوانين أحزاب، ودراسة لرفع حالة الطوارئ التي تجاوزت الأربعة عقود دون وجه حق، فكيف يقال بعد كل ذلك أن أيادي خارجية تحرك الأمور، أو أن إرهابيين يقفون خلف ما يحدث في سورية؟ فما نراه اليوم هو أن القتلى كلهم من صفوف المتظاهرين وليس رجال الشرطة.

الإعلام ليس القصة.. وإن كان هناك من يريد معرفة حجم التحريض الإعلامي ليتأكد أن الإعلام، وتحديدا الغربي، لا يزال رحيما مع السوريين، فلينظر لما فعله الإعلام الغربي بحق البحرين، ليرى الفرق، حيث التحريض، والتلاعب بنسب الطوائف، ومحاولة تصوير الحكومة البحرينية بأنها ديكتاتورية، علما أنها من أول يوم قالت للمعارضة: حسنا تعالوا نتحاور لنلبي مطالبكم، لكن المعارضة قفزت إلى حد المطالبة بالجمهورية البحرينية!

ولذا، فإن أسلم طريقة للتعامل مع ما يحدث في سورية اليوم، وقف العنف والقتل، وليس لوم الإعلام، وتخوين هذا وذاك. فالمظاهرات باتت في تصاعد، ولم تعد محصورة بدرعا، حيث وصلت لحد الآن سبع مدن، وخطورة ما يحدث في سورية أن المظاهرات لم تبدأ من العاصمة بل من الأطراف، وتصل إلى العاصمة، والمدن المهمة. ولهذا دلالات كبيرة، وأهمها أن حاجز الخوف قد كسر، والسبب القتل. فاليوم غير الأمس، حيث الإعلام والتكنولوجيا، ناهيك عن أن ما يدور في منطقتنا، منذ فرار بن علي، وتنحي مبارك، والحرب في ليبيا، وفوق هذا وذاك قرب إسدال الستار على المشهد الحالي في اليمن، وإن كان غير واضح إن كانت النهاية عنيفة، على غرار ليبيا، أم هادئة على غرار مصر، كل ذلك يجعل الأمور أكثر تعقيدا دون شك.

المهم، والأهم، هو عدم استخدام العنف ضد العزل، هذه هي الرسالة، ويجب أن يكون هذا هو الهم الأكبر، وليس انتقاد الإعلام.

[email protected]