أن أفكر مثل العقاد.. وأن أكتب مثل طه حسين!

TT

اقترحنا في لجنة الفلسفة بالمجلس الأعلى للثقافة، التي أتشرف برئاستها، رصد جائزة لتبسيط العلوم. فكثير من الناس ينصرفون عن العلوم والأدباء لصعوبة اللغة التي يتكلم بها العلماء والأدباء.. ونرى ضرورة تبسيط هذه العلوم لتكون في متناول القارئ العادي أي الذي ليس متخصصا، وذلك ليس باستبعاد الكلمات العلمية، وإنما تخفيفها. وقد برع أساتذة كبار في هذا الفن.. ففي الفلسفة مثلا كان هناك الفيلسوف ويل ديورانت الذي قدم للفلسفة العربية «قصة الفلسفة»، وكتاب «قصة الحضارة»، ثم كتاب «مباهج الفلسفة»، وكل هذه الكتب قد ترجمت إلى العربية.

وأهم الذين برعوا في الترجمة: د. زكي نجيب محمود. ومن الغريب أن كتبه ليست سهلة. وإذا أردنا أن نعرف إلى أي حد كتب زكي نجيب محمود يجب أن نقرأ كتب د. عبد الرحمن بدوي. إنه يكتب الفلسفة بأسلوب فلسفي جاف.

وكنت قد جعلت هذه الجائزة باسمي أنا، ويصرف مبلغ كذا علي حسابي. فلا يزال أملي الشخصي أن أكون مفهوما لأقل الناس ثقافة.. ولن أمل المحاولة.

وقد اكتشفت أن الروس هم أساتذة التبسيط والتيسير، وأن براعتهم ظهرت في كتبهم العلمية. فمثلا أنا أهوى الفلك بجنون، ولا يعذبني إلا المعادلات الرياضية، وأنا ضعيف في الرياضيات وأضعف في الكيمياء التي تقوم على معادلات صعبة!

لكن العلماء الروس قدموا لنا الصعوبات في عبارات سهلة بديعة!.. فالروس يخاطبون العمال والفلاحين، ولا بد أن ينزلوا إلى مستواهم، ونجاحهم في ذلك مؤكد. واتجهت إلى الكتب الروسية البديعة وأحببتها وتمنيت أن أكتب مثلها.

ولو قرأنا موضوعا واحدا كتبه طه حسين وكتبه العقاد، نجد أن طه حسين يغني والعقاد يضع طوبة فوق طوبة.. فالعقاد مهندس معماري وطه حسين عازف غنائي. والمثل الأعلى للكتابة: أن أفهم كالعقاد وأن أكتب مثل طه حسين.

ومن أجل تحقيق هذه الأمنية فإننا - لجنة الفلسفة في المجلس الأعلى للثقافة - نختار الأسماء والموضوعات التي تحتاج إلى تبسيط. وقد وصلنا عدد قليل.. والبقية نرجو أن تأتي!