ليلة بكى فيها العريس!

TT

في جنوب مصر يوجد نظام القبائل. فيقال فلان من قبيلة كذا وله عزوة ويلتزم بعاداتها.. ويقال فلان لا بد أن يتزوج من قبيلة كذا.. ونحن في الشمال لا نعرف هذا النظام وإنما نراه على شاشة السينما. ويكون ذلك في حالات الجرائم الكبرى.. جرائم الثأر أو المخدرات أو تهريب الأسلحة. وأحيانا نضحك عندما نتحدث عن نوادر الحياة في الجنوب.

وفي جنوب مصر النوبيون أيضا. والنوبيون حكموا مصر مئات السنين، والمشير طنطاوي رئيس المجلس العسكري من النوبة. ونفرتيتي نوبية وإخناتون نوبي وكل جميلات مصر من النوبة.

وقد دعينا إلى فرح صديق لنا. ولم يقل لنا إنه من قبيلة كذا في محافظة قنا. ولكن قيل لنا. وكان طبل وزمر وجاءت الخيول ترقص والرجال يرقصون وألوان من الجلاليب للبنات الصغيرة وألوان من الأغاني التي لم نفهم منها شيئا. وجاء العريس بجلبابه الأبيض وحوله الشباب. العريس حاصل على الدكتوراه من جامعة أكسفورد. وعند منتصف الليل انصرفنا ولا بد أن يسهر العريس مع الشباب كما تقضي التقاليد. كانت فتاة أخرى أكثر سعادة؛ إنها زوجته الإنجليزية التي رأت هذا الفرح لأول مرة.

وأفلح في إقناعها بأن طائرة أخيه قد تأخرت بسبب الضباب في أوروبا كلها.. وأن التقاليد تقضي بأن تكتمل تقاليد الأسرة وإلا تشاءمت. ولذلك يجب أن يكون عريسا مؤقتا بدلا من أخيه.. ولكن الطائرة قد سقطت. ومات أخوه. فأين يذهب العريس ليلة الدخلة..

وأقنع زوجته الإنجليزية بأنه مثل اليهود يجب أن يتزوج عروس أخيه اسما وأن يعاشرها بعد أربعين يوما.. وكان لا بد أن يبكي حزنا على أخيه. وإنه لم يبك في حياته مثل ليلة الزفاف.. وهذه هي التقاليد. وكانت زوجته البريطانية في غاية السعادة لما رأته من التقاليد المصرية بعد أن وضعوا الحنة في يديها وفي قدميها.. وأحست كأنها هي العروس. وسافر العريس مع عروسه البريطانية إلى لندن ليقضيا شهر العسل.

وبدأ يفكر في الذي سوف يقوله للقبيلة ولأبيه وأمه وأهل العروس والدموع في عينيه!