الأعراس ذكريات

TT

قدر عدد من جلسوا أو وقفوا أو تسلقوا على الأشجار وأعمدة الكهرباء للتفرج على زواج الأمير ويليام بنحو بليوني شخص حول العالم. الطريف أنه حتى في الدول الشيوعية كالصين وفيتنام، تجمع الناس حول أجهزة التلفزيون ليتفرجوا على مراسم ومواكب الزواج. ويظهر أن الرقيب في كوريا الشمالية حذف هذا الخبر. وهو خبر له دلالاته وأبعاده. أيمكننا أن نعتبره جزءا من الاتجاه العالمي نحو اليمين والقديم؟

كنت في بريطانيا عندما ولدت الملكة إليزابيث ابنها الأول الأمير تشارلز. بادرت سائر الأحزاب والمنظمات لتقديم التهاني للأسرة المالكة. كان من ضمنها الحزب الشيوعي البريطاني. نشرت صحيفة الحزب «الديلي وركر» النبأ والتهنئة وأضافت هذه النصيحة للملكة. نصحوها بأن تعلم ابنها، حالما يكبر ويشب، حرفة من الحرف، مثلا الخياطة أو النجارة أو تصليح السيارات، وهكذا. قالوا لها إنه عندما سيكبر هذا الطفل سيكون النظام الملكي قد سقط ويقتضي على الولد تشارلز أن يكسب قوت يومه من عرق جبينه.

بعد سنوات سقطت الشيوعية وانحل الحزب الشيوعي البريطاني وراح قادته يتعاركون على تركته وممتلكاته وصحيفته.

كنت واحدا من هؤلاء البليوني شخص الذين جلسوا يتفرجون على مراسم الزواج. الحقيقة أني أعجبت بهدوء العروسين وعدم ارتباكهما قط. فرغم كل خبرتي في الصحافة والإذاعة فإنني لم أستطع أن أتفادى الخطأ عند عقد زواجي. كان علي أن أقول لمسجل العقود، نعم. آخذ فلانة بنت فلان لتكون زوجة شرعية لي. ولكنني بدلا من أن أقول Lawful wife (زوجة شرعية) قلت Awful wife (زوجة مزعجة). لا أدري ما الذي يقوله أصحاب علم النفس عن هذه الغلطة. وعلى كل، فقد كان مسجل العقود رجلا كريما فصحح كلامي عند إصدار عقد الزواج.

لاحظت أن معظم الضيوف لهذا العرس الملكي كانوا من الرجال المسنين. زوج الملكة دوق أدنبره تجاوز التسعين عاما. جلست وأنا أستمع لموسيقى الأورغن وكلمات أسقف كانتربري وتساءلت كيف جلس كل هؤلاء العجائز لساعات وساعات دون أن يشعروا بالحاجة لقضاء الحاجة؟

لم أر أي أحد منهم يقف من مقعده الوثير ويرفع إصبعه ويقاطع رئيس الأساقفة، ويقول، عن إذنك. تسمح لي بالذهاب الى دورة المياه؟

سألت صديقي الدكتور وسام قندلا: دكتور، أفدني علما، كيف قضى هؤلاء العجائز هذه الساعات الطوال دون أن يشعروا بالحاجة لزيارة الحمام؟ أجابني فقال، يظهر أنك لم تقرأ مذكرات جيمس بيكر، وزير الخارجية الأميركي، والفصل الوارد فيها باسم «دبلوماسية المثانة». سأعيرك إياه لتفهم. وهو ما سأفعله لخاطر قرائي الكرام وأفيدهم بالأمر في مقالتي القادمة.