تعليقا على الوزير

TT

حديث مهم الذي خص به السيد يوسف بن علوي، الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية بسلطنة عمان، صحيفتنا ونشر أمس، والأهمية تكمن في أن الرجل، ورغم أهميته، مقل جدا في الأحاديث الصحافية.

في حديثه، تناول بن علوي زاوية كثيرا ما يتم إغفالها، وهي الإعلام الإيراني، حيث يقول الوزير: «إيران لديها قوة إعلامية هائلة، وهي آلة ثورية». مضيفا: «الإعلام الإيراني، الذي لا يجب بالضرورة أن يكون تابعا للحكومة الإيرانية، يستخدم وسائل مثل قناة (العالم)، وقناة (المنار) وقنوات عراقية تابعة لبعض التجمعات الشيعية، وقد ارتفعت الوتيرة بالحملة على مملكة البحرين، وهذا مرفوض. وقد أبلغتنا الحكومة الإيرانية أن هذه الحملة الإعلامية ليست موقفا (رسميا) من إيران». ومن حق الوزير أن يكون دبلوماسيا في إجاباته، لكن الواقع هو أن تلك القنوات إيرانية تماما، وسبق أن قال لي وزير إيراني سابق، وهو حي يرزق، إنه كان ضمن فريق أشرف على تأسيس «المنار»!

وبالعودة للوزير، فقد قال معلقا على أن من شأن العلاقات مع إيران أن تضع حدا للتهييج الإعلامي، بأن «القضية ليست العلاقة؛ فهي موجودة، ولكن مسألة التنظيم والتعامل مع التأجيج الإعلامي للطائفية»، مضيفا: «بعض القوى الشيعية تعتقد أن وسائل الإعلام قوة لفرض ما تريد». وهذا صحيح، لكن علاجه هو المزيد من التواصل مع الإعلام الرصين، وكشف المعلومات أولا بأول، وتفنيد المواقف، وتهيئة الرأي العام قبل كل قرار، أو موقف؛ ففي عالم اليوم لا يمكن أن تدار السياسة وفق مبدأ «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان». الأمر مختلف تماما، سواء على مستوى الدولة أو المسؤول. فطالما أنك تتعاطى مع الرأي العام، فلا بد من الشرح، والتفاعل، وهذا يتم عبر الإعلام وليس الفرمانات.

أبسط مثال هو قرار القمة الخليجية بقبول طلب انضمام الأردن للمجلس، ودعوة المغرب.. فلا يعقل أن يخرج بيان مقتضب، وبلا إجابات عن أسئلة الصحافيين، ودون تهيئة الرأي العام، ولو بالتحدث للإعلام بشرط عدم النشر قبل اتخاذ القرار، فهذا أمر يهم ملايين الخليجيين، والأردنيين والمغاربة، بل والمنطقة.

مشكلة دولنا، والخليجية تحديدا، أنها تتخذ القرار ثم تصرف وقتا طويلا لتبريره، بدلا من التركيز على تنفيذه، أو نسمع شكاوى من الإعلام. والأجدى أن يعوّد السياسي نفسه على التعاطي مع الإعلام، فمن خلال التواصل مع الإعلام يسهم السياسي نفسه في خلق إعلام رصين، بل ويطور الإعلام نفسه، بدلا من الشكوى، والتململ، وكما قال أحد الساسة البريطانيين مرة بأن «شكوى الساسة من الإعلام كشكوى البحارة من البحر».

فلا يمكن أن تتعاطى مع السياسة في عالم اليوم بالكتمان، ويكفي تأمل التسريبات التي تتم اليوم قبل خطاب أوباما المرتقب، فكل تلك التسريبات تتم من أجل وضع حد لسقف التوقعات، ولاختبار ردود فعل الأطراف المعنية؛ فالإعلام جزء من الدبلوماسية، داخليا وخارجيا، بل هو الدبلوماسية الذكية.

والأمر الآخر، أنه يجب أن لا يترك الفضاء مفتوحا للإيرانيين، فعلى الخليجيين، تحديدا، أن يتساءلوا: كم هو عدد القنوات الإخبارية الجادة لدينا، وليست المؤدلجة، مقابل القنوات الإيرانية التي تسمم الفضاء؟

[email protected]