مرحبا بالوحدة الفلسطينية

TT

للأسف يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لا تدرك الفرصة النادرة التي يطرحها اتفاق الوحدة الفلسطيني، فهذا الاتفاق يقدم، للمرة الأولى على مدار عقود، إجماعا فلسطينيا موحدا معتدلا، يضم فتح وحماس والمعسكر الديمقراطي.

ومن وجهة نظر فلسطينية، فهذا الاتفاق ثمرة الربيع العربي ومصر بعد مبارك ويمثل تطورا هاما في الوقت الذي نسعى فيه من أجل تجاوز الصراع الداخلي ونركز على الحاجة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضمان حريتنا.

وأي مراقب متفتح ينظر إلى الكلمات التي ألقيت خلال توقيع الاتفاق في القاهرة في 4 مايو (أيار) الحالي سيرى أن جميع الحركات المشاركة قبلت حل دولتين على حدود 1967، بدولة فلسطينية على الأراضي المحتلة والقدس الشرقية عاصمة لها، وأن جميع الأطراف ألزمت نفسها بالامتناع عن أي أعمال عنف، وأنه في كلمته أعلن رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس عن التزامه بجميع الاتفاقات الموقعة مسبقا مع إسرائيل، من دون اعتراض من جانب أي من الحضور.

وكرئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية، سيكون عباس مخولا بالتفاوض نيابة عن جميع الفصائل الفلسطينية، وبذلك يبدد المبرر الإسرائيلي بأنهم لا يستطيعون التفاوض مع حكومة فلسطينية منقسمة.

يقدم اتفاق الوحدة فرصة لإسرائيل كي تقيم سلاما دائما مع كافة الفلسطينيين، من يسار إلى يمين الأطياف السياسية، ولتنفيذ حل الدولتين فورا.

كما ينص الاتفاق على تجديد الديمقراطية الفلسطينية، بما في ذلك برلمان فعال وقضاء مستقل وفصل للسلطات وانتخابات ديمقراطية حرة خلال عام. وسيعطي للفلسطينيين حق اختيار زعمائهم بحرية وبصورة ديمقراطية مرة أخرى. وإذا كان الكونغرس الأميركي يدعم هذه المستهدفات داخل مصر وليبيا وسوريا، فلماذا ليس داخل فلسطين ومع الفلسطينيين؟

في الانتخابات التي أجريت في 2005 - 2006، قدم الفلسطينيون للمنطقة بالكامل نموذجا مشرقا للعملية الديمقراطية، ولكن قوض منها حصار فرض على حكومة الوحدة الوطنية عام 2007، والتي مثلت 96% من الناخبين الفلسطينيين. وخدم الحصار أهداف مدبريه، وأدى إلى انقسام فلسطيني داخلي.

دائما ما كنت أعتقد أن السلام الدائم يكون بين دول ديمقراطية، وتمثل التجربة الأوروبية أكبر دليل على ذلك. وستكون دولة فلسطينية موحدة وديمقراطية أكثر قدرة على تحقيق حريتها واستقلالها وأكثر قدرة على الحفاظ على سلام عادل ومستمر. وللأسف تعكس ردود الفعل من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وأنصاره تجاه الاتفاق نهجا ينظر للوراء بدلا من النظر للأمام، وهو أمر مضر لمستقبل كل من الفلسطينيين والإسرائيليين.

موقفهم لا يمكن الدفاع عنه وفيه نفاق. كيف يطالبون باحترام الفلسطينيين للاتفاقات الحالية فيما تنتهك إسرائيل نفس الاتفاقات من خلال منع أموال الضرائب الفلسطينية وحرمان الأطباء والممرضات والمدرسين وحتى ضباط الأمن الذين يثنون عليهم من مرتباتهم؟ ما هي الحكمة في منع المستشفيات الفلسطينية والعيادات من الأدوية كعقاب لتلطيف موقف الحركة الوطنية الفلسطينية؟

لقد قضينا الأعوام في محاولة لتمهيد الطريق تجاه سلام عادل ولإقناع شعبنا بأن عدم استخدام العنف هو الاستراتيجية الأفضل، والآن نحن مهددون بعقوبة بسبب النجاح في ذلك. إعادة فرض حصار على السلطة الفلسطينية وحكومة الوحدة تطرح احتمالية انهيار السلطة الفلسطينية بالكامل، ومعها حل الدولتين.

إذا كان الإسرائيليون يريدون فعلا سلاما شاملا يعتمد على حل الدولتين، فالطريق مفتوح أمامهم. وعلى الجانب الآخر، إذا كانوا يريدوننا أن نبقى مضطهدين تحت احتلال عسكري للأبد، فسنظل موحدين في نضالنا من أجل الحرية.

لقد حان الوقت كي ينتهز الرئيس أوباما والمجتمع الدولي هذه الفرصة ويغيروا المسار لتجنب كارثة أخرى وسقوط دماء في منطقة الشرق الأوسط.

* عضو المجلس التشريعي الفلسطيني ومؤسس في حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية

* خدمة «نيويورك تايمز»