شيخ الشباب

TT

في الأيام الأولى لثورة مصر، رأيت الدكتور فاروق الباز يتنقل في الميادين والندوات. ويتحدث هنا وهناك، هنا شيء من حكمته وهناك الكثير من لباقته وهنالك الكثير من تواضع العلماء. والتواضع شيمة العائلة في أي حال. ولعل الرئاسة المصرية فقدت الكثير من المعرفة عندما أبعدت الدكتور أسامة الباز عن دائرة القرار ودفعت به إلى فيلا معزولة قرب الـ«سميراميس»، حيث لم يعد يزوره إلا الذين لا يخشون حركة الطلوع والنزول في القاهرة. ويقول الدكتور بطرس غالي لـ«الأهرام» إن إبعاد أسامة الباز ومصطفى الفقي عن الرئيس كان إبعاد ذوي الآفاق.

تحمس الدكتور فاروق الباز جدا لـ«ثورة الشباب». ربما أراد أن يرى أحلام جيله فيهم. لكن الحماس أخذه أيضا إلى انتقاد الكهول فلم يبق ولم يستبق. وربما لم يكن يحسب أن ذلك سيوقعه بين يدي شلال «الأهرام»، المعروف أيضا بالاسم المستعار، سناء البيسي. ويبدو أن الزميلة الهادرة قد صبرت على الرجل العالم ثم صبرت إلى أن تحركت في مقالها الأسبوعي كل ينابيع مصر: وماذا عن العقاد وماذا عن الزيات وماذا عن محفوظ وماذا عن شادي وماذا عن شوقي وماذا عن ثومة وماذا عن محمد عبد الوهاب وماذا عن... وماذا عن...؟ من المدافعات التي لا يجيدها أحد مثل شلال «الأهرام»، المعروف باللقب الصحافي، سناء البيسي.

يرق المرء لحال عزيزنا الدكتور الباز. لقد حسب في حملته على الكهول كل حساب، إلا ده. ومنذ «25 يناير»، بدأت موجة من الحماس التي تريد أن تمنع من الظهور كل من جاوز الثلاثين، كما يقول الأستاذ علي سالم، الذي تشبه مقالته الأسبوعية «تابلوها» مسرحيا يتمنى المرء أن تتأخر ستارته. وأحيانا أشعر بأنني أريد الخروج من الإدمان على مأمون فندي وسناء البيسي وعلي سالم، بسبب ما ينقلون عن الكمد والنكد الدائرين في مصر هذه الأيام. لكن، كيف أتجنب أيضا «مانشيتات» «الأهرام» عن ارتكابات «البلطجية»؟

ماذا ستكون الجمعة التالية في القاهرة؟ «جمعة الغضب الثالثة»؟ جمعة تكرار غضب الجمعة الأولى؟ متى ستتوقف مصر قليلا، فتترك للقضاء أن يحاسب أهل النظام، بينما تتأمل هي كم نقص الاحتياط في المركزي وكم تكدست الخسائر وكم تزايدت الإفلاسات وكم ارتفعت نسبة البطالة؟ هذا بالتحديد ما يجب أن يلفت إليه الكهول، مثل عزيزنا الدكتور فاروق.