السلام ولعب الأطفال!

TT

نحن نعيش في عصر ينقصه اللعب والمرح.. فالناس أعصابهم متوترة ولذلك فهم مرهقون ويحاولون أن «يشدوا حيلهم» بالقوة: بالمنبهات، ويستريحوا بالقوة: بالمنومات.. والنتيجة أن الناس في حالة نصف يقظة ونصف نوم.

وليس الرجال وحدهم في حاجة إلى راحة، ولكن الأطفال أيضا.. فالطفل نعلمه ليكون رجلا في سن مبكرة.. أي أننا نعلمه أن يختصر مرحلة الطفولة وينتقل إلى الرجولة بسرعة.. والرجولة معناها: أن يكون مسؤولا، وأن يختصر ساعات اللعب ويضيفها إلى ساعات العمل.. والعالم كله ينظر إلى الطفل الياباني بحسرة، فهذا الطفل عنده كل أنواع اللعب الغريبة والعجيبة، واليابان نفسها تصدر اللعب للعالم كله..

ولقد رأيت اليابان، ورأيت الطفل الياباني ولا أعتقد أنه سعيد، فهو يلعب بأصابعه الصغيرة في آلات رائعة. ولكن هذا ليس لعبا صحيا.. إنه نوع من اللعب العلمي. فالطفل يلعب ويدرس في الوقت نفسه. ولذلك يقوم بتشغيل عقله الصغير على المخترعات العلمية الباهرة.. وهذه اللعب هي صواريخ ومدافع وطائرات وغواصات وأجهزة إلكترونية.. فهذه اللعب نفسها تجعل الطفل يتحول بسرعة إلى رجل صغير.. وعيب هذه المخترعات الصغيرة أنها تجعل الطفل لا يفزع من المدافع والطائرات والقنابل، وإنما يرى فيها مجرد تسلية.. فإذا كبر ظلت هذه نظرته وفكرته.. فهو لا يخاف من المدفع إذا كبر، أي إذا هو كبر، وإذا المدفع كبر، ولذلك لا يخاف من الخلاف بين الأطفال إذا تحول إلى حرب بين الكبار!

وأنا لا أقارن بين الطفل المصري والطفل الياباني.. ولكن من المؤكد أن الطفل المصري ليست عنده هذه اللعب التي يملكها الياباني، وعندما يتفسح الطفل عندنا.. فهو يلعب في الشارع أو يلعب في المدرسة أو يذهب إلى السينما.. وإذا كبر فإنه ينتسب إلى أحد الأندية الرياضية.

ولكن الطفل الذي يهمني هو الصغير جدا.. ونحن في مدينة القاهرة لا توجد عندنا حدائق للأطفال، ولا توجد عندنا هذه الجنة الصغيرة التي يرى فيها الطفل الحياة في أوراق الشجر، وفي الزهور والثمر، وفي الطيور التي تمشي على الأرض ولا تخاف منه ولا يخاف منها!!