لبنان يمنع فيلما عن.. إيران

TT

ليست مصادفة أن يسحب الأمن العام اللبناني رخصة فيلم «أيام خضراء» للإيرانية هانا مخملباف بُعيد أيام قليلة من تشكيل الحكومة الجديدة. هذه الحكومة وضعت لبنان، بشكل مباشر، في قلب مواجهة إقليمية بصفتها تكرس سيطرة حزب الله ومَن خلفه على مفاصل الدولة بالكامل.

هذا الأمر يجهد حزب الله والقوى المتحالفة معه لنفيه..

الفيلم الإيراني كان مدرجا ضمن فعاليات «مهرجان الأفلام الممنوعة» الذي ينظَّم بموافقة الرقابة اللبنانية، وكان قد سبق أن حصل على إجازة عرض قبل 10 أيام، أي حين كانت حكومة تصريف الأعمال لا تزال قائمة، ثم جرى سحبها بُعيد وصول الحكومة الجديدة. وكان قد سبق أن تمنى الأمن العام اللبناني عدم عرض الفيلم نفسه خلال مهرجان سينمائي في بيروت العام الماضي؛ لأنه تزامن مع زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، وبالفعل لم يعرض آنذاك.

فلماذا يثير فيلم يتناول الثورة الإيرانية الخضراء كان سيعرض أمام جمهور محدود هذا القلق كله علما بأن مادة الفيلم التوثيقية موجودة بالكامل على موقع «يوتيوب» وتسجل نسب مشاهدته بعشرات الآلاف، وهي نسب تتجاوز، بأضعاف، أعداد من كان يمكن أن يشاهد الفيلم في المهرجان.

حتما ليس منع الفيلم هو للحيلولة دون مشاهدته؛ لأن أي رقيب مهما تواضعت حدود معارفه فهو يعلم أن عصر السماوات المفتوحة لن يحول دون ذلك، بل على العكس فإن الطلب على المشاهدة سيزيد.

إذن أتى منع الفيلم كرسالة واضحة لا تحمل التباسات..

فهذا المنع هو بمثابة زجر لواحد من عناوين النقاش التي تحملها المرحلة المقبلة التي يدخلها لبنان والمنطقة.. إنها الثورات التي افتتحها الشباب الإيراني عام 2009 قبل أن تُسحق انتفاضتهم تحت وطأة القمع والإعدامات.

أن يتم السماح بعرض فيلم «أيام خضراء» قبيل تشكيل الحكومة الجديدة ثم يمنع عرضه بعد تشكيلها بدت خطوة مكشوفة إلى حد الفضيحة. القول إن الحكومة اللبنانية الحالية ليست حكومة حزب الله هي مقولة سقطت بامتحان صغير لا لبس في وضوحه، فما حال المقبل من المحطات التي على لبنان أن يواجهها؟

الحال نفسه يطال الحراك الشعبي في سوريا.

قبيل تشكيل الحكومة، تمكن حزب الله والقوى المتحالفة مع إيران وسوريا من فرض حال من الخوف حيال أي نقاش إعلامي وثقافي للحراك الحاصل في سوريا، فتمت عرقلة ندوات واعتصامات، كما أن الإعلام اللبناني بدا مرتبكا وعالقا، فظهر الإعلام الممانع بصفته داعما للنظام على نحو فظ، بينما بدا التعاطف مع الحراك السوري والقمع الذي يتعرض له المتظاهرون ضعيفا وخجولا على نحو غير مبرر.

لا تختلف مقاربة حزب الله للقضايا الثقافية والإعلامية عن المقاربة الإيرانية أو السورية، وأن يتمكن الحزب من فرض ذلك على لبنان فهذا أمر بالغ الخطورة.

لا شك أن التحديات التي على لبنان أن يواجهها في المستقبل القريب تثير القلق، وما حكاية منع الفيلم الإيراني سوى بداية.

diana@ asharqalawsat.com