صدقني لقد جربت ذلك!

TT

مرضك مسألة شخصية.. تعبك حكاية تخصك أنت.. عذابك كدموعك لا تدخل عيون الآخرين.. فمن الذي يخفف عنك المرض؟ الطبيب؟ ممكن.. إنه يضع يده على جسمك.. ويضع أذنه على صدرك وعلى ظهرك ثم يكتب الروشتة. فإذا نجحت «وصفة» الطبيب فإنه يشعر بالارتياح؛ لأن تشخيصه للمرض كان دقيقا.. وإذا لم تنجح هذه الوصفة حاول مرة أخرى.

ويبقى عذابك كما هو، والناس الذين يحبونك، مثلا، قد يكون مرضك مرهقا لهم.. هذا طبيعي.. فأنت لا تعيش وحدك.. فهم يجلسون حولك.. يرونك تتقلب يمينا وشمالا.. لكنك تظل تتألم أيضا.. فالألم يشبه الراديو المفتوح.. سيتكلم سواء استمع إليه أحد أو لم يستمع إليه أحد.. إن الألم ليس كالزكام ينتقل بالعدوى.. إنه تفاعل داخلي.. إنهم يمدون أيديهم لك ويعودون بها كما كانت سليمة.. سترى التأثر في عيونهم.. لكن هذا التأثر ستراه عليهم.. كل إنسان لديه الكثير من المتاعب والآلام التي تتراكم بعضها فوق بعض.. وتظهر في أي فرصة.. في أي مناسبة.. ومرض حضرتك هو الفرصة السعيدة التي تهتز لها نفوسهم وتدمع لها عيونهم.. لكن هذا التأثر ستراه عليهم.. كما يحدث في الزلازل والبراكين.. ففي باطن الأرض نيران.. والنيران لها بخار من الغازات.. يظل حبيسا حتى يجد مكانا ضعيفا في قشرة الأرض فيحطمه.. وترتجف الأرض ويتصاعد الغاز ويهبط المطر.. ومرضك هو هذه القشرة الضعيفة في هذه العلاقة بينك وبينها.. لكن يبقى عذابك كما هو!

وأخيرا أناس أعزاء عليك: أمك.. حبيبتك.. زوجتك.. ستراك الواحدة منهن فتبكي لحالك.. أو تبكي عليك.. لكن دماءك تغلي وحرارتك عالية.. وتبكي الأم وتتعذب جدا لك.. ولكن يبقى عذابك كما هو.. وقد تتعذب أنت لعذابها، خصوصا أن التي تحبك وتحبها ستبالغ جدا في آلامك وتعبك.

الإنسان أحيانا يحس أن الذين يحبهم كأسنانه وضروسه التي يأكل عليها ويعيش بها.. وأحيانا توجعه هذه الأسنان ويتألم لها ومنها ويتمنى أن تقتلع الأيام هذه الأسنان كلها! حتى لا يتعذب لعذابهم، وحتى لا يعذبهم عذابه.

ومع ذلك وأنت تتألم سيبقى ألمك مثل جلدك لا يتسع لأحد غيرك.. صدقني لقد جربت ذلك.. وبلا أسف!