سيدة وزوجها وأولادها..أمامهم منضدة عليها أكواب فقط.. تحت المنضدة سلة لها كرش كأنها قنبلة.. كلما اقترب منها الأطفال ضربتهم الأم وغمز لها الأب قائلا: وبعدين؟! المكان ليس مسرح الريحاني.. إنه جزيرة الشاي.. الوقت هو ساعة الآذان.. الأسود تزأر.. البط والإوز يدور حولنا كأفكار حائرة في رأس لم يتخذ قرارا.. كل شيء هادئ.. وأخيرا ارتفع صوت اتجهت إليه العيون والآذان.
السيدة: أنت مش عارف أنا مين؟
الجرسون: مين يعني إيه؟ وأنا مالي.. إيه اللي مش عارف أنا مين.. لا ما اعرفش أنت مين يا ست هانم!
الهانم: اسكت أحسن لك.. أنت مش عارف أنا مين..
الجرسون: لا يهمني أبدا.. الأصول لازم تمشي يا ست هانم.. ممنوع.. الأكل هنا ممنوع.. إذا أردت أن تأكلي فانا خدامك ولكن أي أكل من البيت ممنوع.
الهانم: اسكت أحسن اكسر دماغك!!
الجرسون: عيب.. أنا قلت ممنوع يعني ممنوع
أنا (بيني وبين نفسي): أنت مين يعني إيه.. طبعا كلنا نعرف أنت مين! الشوال الذي تلبسينه من تفصيل منجد بلدي..بشرة حضرتك تحتاج إلى مبيض نحاس.. الأساور التي في يديك خردة عليها صدأ أفكارك وأنت لو كنت شيئا له قيمة لجلست في مكان آخر.. في هيلتون مثلا.. أو كان في استطاعتك أن تبني قصرا وتجعلين فيه بحيرة وفيها جزيرة وفي هذه الجزيرة يقف عشرون جرسونا من خريجي الجامعة.. وفي استطاعتك أن تصبي علي رؤوسهم الشمع وأن توقدي هذا الشمع لكي يضئ الطريق للذباب لكي يدخل عيون أبنائك!! طبعا أنا أعرفك.. أنت فشارة.. أنت تافهة.. مين يعنى إيه؟ من هو زوجك؟ الأصول يعني الأصول!
وخشيت أن تسمع هذه السيدة أفكاري فوضعت يدي على فمي.. وتنحنحت كأني أبلع كلامي!
الجرسون: من فضلك ممنوع.. وإلا..
الهانم: وإلا إيه يا روحي.. بتهددني..إمش من هنا.. أنت فاكر أن أولادي عاشوا علي الأرصفة.. أولادي عاشوا على الغالي.. شوف نفسك أنت؟!
الجرسون: على الغالي.. على الرخيص.. ممنوع.. ثم إنني رجل محترم.. إنني أعمل في هذه الخدمة من 30 عاما.. ولم اسمع شيئا كهذا!!
الهانم: مش كل الطير يتآكل لحمه.
الجرسون: ما لي أنا ومال الطير اللي يتآكل لحمه واللي ما يتكلش.. هذا ممنوع يا هانم
الهانم: أنت مش عارف أنا مين!