قل لي يا موج البحر!

TT

قل لها يا ليل.. إنها مطربة برتغالية ارتدت الفستان الأسود التقليدي ووضعت على كتفيها الشال الأسود.. والفستان طويل والأكمام أيضا.. وكأنها تقلد سيدة الغناء أم كلثوم، لولا أنها لا تمسك منديلا وتتحدث البرتغالية.. «طويلة العنق» عالية الصدر.

أما الكبرياء فهي نوع من الارتفاع عن الحزن أو التسامي بالغناء.. فالموال البرتغالي، ويسمونه «الفادو»، يتحدث عن الماضي الحزين.. ويتحدث عن تلك الأيام التي كان يعيش فيها الإنسان ويموت من أجل المحبوبة.. ولما تطورت أهواء الناس أصبحت المحبوبة هي القيم الأخلاقية.. ثم هي الوطن.. ثم هي الإنسانية.

لكنهم عندما كانوا يتغنون بالحب والجمال والشجن.. كانوا أصدق.. كانوا فنانين.. كانوا يحملون قلوبهم جبالا.. وكانوا يسفحون دموعهم أنهارا.. ويتأوهون عواصف.. ويرتجفون أمواجا.

كان الحب هو المحيط.. وكانوا زوارق صغيرة ذهبية.. لكنها كانت أبقى من الموج وأروع من المحيط!

ومطربة «الفادو» تنظر إلى الأجانب من ضيوف البرتغال وتضع - صادقة - كلمة السلام بدلا من الحب.

ولما قيل لها: إن الضيوف من أبناء الفراعنة، راحت تغني نفرتيتي وتقول ما معناه إنها أيضا عرفت الحب.. لكنها لأنها ملكة لم تفصح عن ذلك.. إنه القيد الوحيد على قلوب الملوك.. وهذا هو الفارق الوحيد بيننا.. نحن نجاهر بالألم ونباهي بالشجن!

ثم أنشدت عن بحار سافر وحده ولم تكن معه خريطة إلى أي مكان في العالم.. فقط أراد أن يترك نفسه للموج.. وراح يستعطف الموج الذي رأى كل المكتشفين من قبل وسمع حكاياتهم، أن يتولى هداية هذا البحار!

وقالت: قل لي يا موج.. حكاية واحدة.. أنام وأنا أسمعها.. فإذا امتدت يدك إلى قلبي أرجوك يا موج أن تقول للحبيبة إنني اخترت أروع مكان أدفن فيه حبي معي.. أرجوك يا موج أن تحكي للناس حكايتي.. أنا أردت وهي أرادت لكن أمها لم توافق.. قل لي من فضلك.

فالصوت الحزين والغيتار أكثر حزنا وفستانها الأسود وعيناها.. والناس من حولك كبار.. فهم من عمر المواويل التي بدأت في القرن التاسع عشر ولا تزال شابة جميلة!