وهذا مما نسيته

TT

تناولت في مقالتي السابقة ظاهرة النسيان، أو بصورة خاصة ما سميته بالنسيان الكوميدي. ورويت شيئا من طرائفه. ولكنني مع الأسف نسيت أمثلة أخرى. منها حكاية ذلك البروفسور الاسكوتلندي، الذي شاع عنه كثرة النسيان كمعظم كبار الأساتذة. ولكنهم فضلا عن النسيان يتصفون أيضا بسوء هندامهم. ذهبت سدى كل محاولات زوجته لإصلاح مظهره. بقي لسنوات لا يلبس غير بنطلونه المتهرئ القديم وسترته المحكوكة الخلقة. دعوه يوما للاشتراك في مناقشة دينية على التلفزيون. فقلقت زوجته على مظهره بل وتصورت أنه سينسى موعد المقابلة. هرعت لغرفته لتنبهه. فلم تجده. لقد خرج. التفتت فرأت ذلك السروال القديم على الكرسي وتلك السترة الممزقة على مكتبه. أسرعت للتلفون وكلمت الشرطة. «الرجاء اللحاق بزوجي. إنه مبتلى بالنسيان. لقد خرج من البيت بالفانيلة واللباس». بعثت الشرطة بشرطي على الدراجة ليلحق به. عثر عليه وهو يهم بدخول مبنى الإذاعة. استغرب الشرطي من الموضوع فقال له: «آسف ولكن زوجتك قالت إنك خرجت من البيت بالفانيلة واللباس. ولكني أراك في بدلة أنيقة جديدة». أجابه قائلا: «نعم. أنا في طريقي لمناقشة بعنوان (فضل الله على الإنسان: حقيقة أم خرافة؟) وهذه واحدة من أفضاله تعالى سيراها المشاهدون!».

وكما قلت، اشتهر الأساتذة (أساتذة الغرب وليس أساتذتنا) بكثرة النسيان. وهناك مجموعات كثيرة من النكات البروفسورية. قيل إن تلميذا ذهب للكلية لحضور درس التاريخ فلم يحضر الأستاذ المختص. جاءت سكرتيرة الكلية لتعطي التلاميذ هذا الخبر الأليم. قالت: آسفة. الأستاذ مات. سأل التلامذة: كيف؟ قبل يومين التقيناه وتكلمنا معه ولم يكن فيه أي عيب. قالت: «نعم. ولكن البارحة نسي أن يتنفس!».

كان هذا بروفسور تاريخ. ولكن البروفسور الطبيب لا يقل نسيانا. أجرى القس كل مراسم الزواج ثم مدت العروس يدها إليه ليضع العريس خاتم الزواج في إصبعها فمسك برسغها وراح يعد نبضها.

عاد أستاذ من سفرته الأكاديمية فأسرعت سكرتيرته لتخبره: «أبشرك. ستكون أبا عن قريب».

«لا تقولي ذلك لزوجتي. دعيني أفاجئها بالخبر».

مثل نكات البروفسورية جاءت نكات الشيخوخة، وأكثرها طبعا ترتبط بهذه الأزمة الأبدية. محاولة العجوز التمسك بشبابه وقدرته الجنسية. منها هذه النكتة الشائعة: تزوج رجل عجوز بصبية صغيرة. وفي ليلة العرس سألها الرجل: يا بنيتي هل شرحت لك أمك ما يجري في ليلة العرس مع العريس؟ قالت: لا. لم تقل لي أي شيء من هذا.

«أوه! هذي مشكلة. فأنا نسيت كل ذلك».

وهناك طبعا التقليعة الأبدية التي تقول إن المسنين يجرون وراء الصبايا دون أن يعرفوا لماذا يجرون وراءهن.