أصحاب الفكرة الواحدة!

TT

عندما يقول لك شخص: أنا عندي فكرة.. فمعنى ذلك أنه يريد أن يعرض أسلوبا في التغيير.. في تغيير أفكارك أو أفكار غيرك، وأنه يريدك أن تقف إلى جواره، أنت أو ألوف غيرك، فإذا استطاع، فهو صاحب رسالة أو مذهب أو دين، والتاريخ يروي لنا ما الذي فعله أصحاب الفكرة الواحدة القوية.. إنهم الذين غيروا التاريخ!

وإذا دخلنا دماغ الكاتب أو الفنان أو السياسي أو الفيلسوف أو المصلح الديني، فإننا أمام طراز واحد من الناس عندهم أمل واحد هو: أن ينقلوا الجبال من مكانها إلى مكان آخر.

وفن التفكير والإقناع بالفكرة هو فن تحريك الجبال، والعبارة الشهيرة تقول: «إذا لم يأت الجبل إلى محمد، ذهب محمد إلى الجبل».

وما من صاحب فكرة إلا ويريد أن ينتقل إليه الجبل، ولكن الجبل في حاجة إلى قوة لتهده وتجعله واديا، ثم يتحرك هذا الوادي ليقف على «حيله» جبلا من جديد. إن أصحاب الرسالات الكبرى حاولوا كي تنتقل إليهم الجبال، ولكن الجبال لم تتحرك، فتحركوا هم وانتقلوا من مكان إلى مكان وهاجروا.. موسى هاجر إلى سيناء، وعيسى هاجر إلى مصر، ومحمد (صلى الله عليه وسلم) هاجر إلى المدينة، وبعد ذلك سارت وراءهم الجبال!

وليست الفكرة هي التي تنقل جبلا، ولكن صاحب الفكرة، وطريقة عرض الفكرة، واقتناع الناس بها، والصمود معها ولها وحولها، وانتقال عدواها إلى الملايين عاما بعد عام..

إلا إذا كان الإنسان إلها إغريقيا، فهو قادر على أن يحول الجبل إلى نهر، والنهر إلى جبل، والوديان إلى مزارع، والمزارع إلى حيوانات.. فقط هذا الطراز من الكائنات ليست عنده مشكلات، بل ليست عنده أفكار؛ فالمسافة بين الفكرة والعمل أو بين الرغبة وتحقيق الرغبة لا وجود لها؛ فالذي تريده يكون، ولكن الإنسان يقطع هذه المسافة الطويلة بين الذي يريده والذي يستطيعه، أو بين الذي يدور في رأسه والذي يدير رؤوس الآخرين في سنوات مريرة!

وليست أفكار الإنسان شيئا صعبا، وإنما الإنسان أصعب وأعقد من كل الأفكار.. وأكثر الأفكار وضوحا، ليست واضحة عند كل الناس. لذلك، لا يمكن أن يكون هناك اتفاق على معنى واحد أو فهم واحد أو أسلوب واحد.