في الشرح.. والترجمة

TT

شاعت هذا العام تعابير ومصطلحات كنا نعرفها أو نسمع بها ولا نستخدمها إلا في حالات قليلة ومجالس ضيقة. وكثر في مصر وتونس وسوريا استخدام مصطلحي «البلطجية» و«الشبيحة». وفي لبنان ارتبط «البلطجي» باسم عائلة كريمة، لنا فيها أصدقاء وزملاء و«رياس». و«الريس» هو القبطان البحري «المحلي»، الذي يبقى في المياه الإقليمية مثل الغاز المكتشف حديثا بين لبنان وقبرص وإسرائيل. وقبل أن نتصارع على الغاز مع إسرائيل بدأنا التصارع عليه فيما بيننا، تماما كما نتصارع على الأيدي التي نريد أن «نبوسها»، أو الأقدام، أو الجزم.

أما «الشبيحة» في لبنان، فهو أيضا مصطلح مخالف قليلا للنموذج القائم حاليا في سوريا؛ فـ«الشبيح» في لبنان نصاب ولكن بغير ظرف، وإنما أيضا من دون أذى. وهو كائن طفيلي لا يعمل ولا يسعى ولا يجد ولا يكد ولا يجتهد ولا يفكر، ويكتفي بعرض «خدماته» على الذين يعملون ويكدون ويمضون العمر سعيا. وغالبا ما يعرض «الشبيح» على خلق الله «الحماية»، أي الحماية من الشبيحة الآخرين، فيضمن لنفسه الكريهة الضريبة والإتاوة وحجب الحسنات عن المستحقين.

ولشدة ما ضاقت مصر بـ«البلطجية» قام الدكتور حسن زهدي الشافعي (بريد «الأهرام») بوضع تعريف تقريبي للمصطلح وأصوله وجذوره النبيلة فقال: «الأصل في لفظ البلطجي هو من يحمل آلة حادة، بلطة. والبلطجي في تقسيم اضطرابات الشخصية هو ما يطلق عليه (الشخصية السيكوباتية)، وبالتحديد النوعية التي لا تلقي بالا لما تقوم به من أعمال حمقاء اندفاعية عدوانية تجاه الآخر دون الإحساس بأي ذنب لما اقترفته يداه.. وبصرف النظر عن الدوافع لتكوين هذه الشخصية الانحرافية، مثل التفكك الأسري، كما يقول العالم الإيطالي لامبروزو، إلا أن الأهم هو أن البلطجي يفتقد الضمير والوازع الديني والأخلاقي ويتحالف مع الشيطان ويرتكب فعلته من دون أن يشعر بعذاب الضمير ويندفع للاعتداء على الأبرياء لمجرد الحصول على مكاسب مادية، ومنهم من يقوم بالسرقة بالإكراه والنهب والسلب بنفسه ولنفسه.

هناك نوع أكثر رداءة من فئة البلطجية والشبيحة هو الذي عرفناه في الإعلام في السنوات الأخيرة. ويطل البلطجية على التلفزيونات مسلحين بأمواس وشفرات حادة وطواعن ثلوج كالتي استخدمها محمد عطا في غزوة 11 سبتمبر (أيلول) 2001 «المجيدة».

وأقول للغبي الذي سيترجم مقالي إلى مواقع على الإنترنت أن كلمة «المجيدة» الآنف الذكر سخرية وليست مدحا! ويا «غوغل» هذه سخرية، وكفوا عني. لأن ترجمتكم معتمدة في الصحف والأبحاث والمطارات. ولا تكرروا ما فعلتم في ترجمة مقالي غداة غزوة 11 سبتمبر «المباركة». عار عليكم.. وعلى من ترجم.. وعلى العبيط الذي يحفظ القاموس ولا يعرف معاني الكلام.