بأي شيء نأكل: بالقلب.. بالعقل؟!

TT

آه.. لو كانت أفكاري وعواطفي ملفوفة.. كلها على هيئة بكرة خيط.. لها أول ولها آخر.. ولها اللون الذي يعجبني.. آه.. لو كنت أستطيع أن أرتب هذه الخيوط بالشكل الذي يعجبني..

آه.. لو كنت أعرف ما يدور في عقلي.. وفي قلبي.. وفي معدتي.. إنني كثيرا أتلخبط في مشاعري فأحس بالصداع في معدتي.. وأحس بالمغص في عقلي.. وبالقرب من قلبي.. إنني لا أعرف أين يوجد الحب ولا أين توجد الكراهية.. ولا أين يوجد الجوع والعطش، إنني أعرف أن الطريق إلى العقل يمر بالمعدة وبالقلب ولكن أنا لا أعرف أول هذا الطريق ولا نهايته.. فنحن نأكل، ولكن عملية الأكل هذه عملية عقلية.. والشعور باللذة.. مسألة عقلية.. والشعور بالارتياح للذين نجلس إليهم عند الأكل مسألة عاطفية.. مسألة قلبية..

فبأي شيء نأكل.. بالقلب؟ بالعقل؟ لا أعرف!

وأمس جلست أرتب أفكاري.. حاولت أن أجعل قلمي هو البكرة.. وحاولت أن أجعل أفكاري وعواطفي هي الخيط المزدوج.. ولم أفلح في ترتيبها.. وإنما أمسكت هذه الخيوط على هيئة عقد.. وحاولت أن أحل عقدي واحدة.. واحدة.. وكل إنسان في الدنيا له عشرات العقد.. وهذه العقد هي نتيجة صراعنا الدائم بين ما نريد وما نستطيع.. بين الذي نريد أن نحققه.. أن نكسبه.. أن نفوز به.. يعني بين أحلامنا وآمالنا وبين الذي نستطيع أن نأخذه من أنياب الناس وأظافر المجتمع!

فنحن نريد والمجتمع يقاوم أحلامنا.. فكل إنسان في جيبه ملاليم.. ويريد أن يشتري العمارات الكبيرة.. وعجزنا عن تحقيق الذي نريده هو الذي يعقدنا.. هو الذي يجعلنا نشعر بأننا عاجزون.. فاشلون.. فنكره القادرين.. ونحقد على الناجحين.. وعلى السعداء وعلى غيرنا من الناس!

وهذه العقدة هي التي تغري الخيوط بأن تلتف حولي وتتعقد.. وتتعقد.. ويصبح كل إنسان شخصا معقدا.. يعذب كل إنسان معه وحوله.. ويتعذب هو الآخر!

بدأت أعد العقد التي عندي فوجدتها كثيرة لا نهاية لها.. كالعقد الموجودة في أي بلوفر.. في أي بدلة.. في أي فستان.. ولولا التفاف الخيوط بعضها حول بعض لاستحال وجود أي ثوب.. فالعقد هي أساس أي نسيج.. أي شيء نرتديه.. أي شخصية تدخل فيها!