هل ترد البنوك الأميركية الجميل بتسهيل القروض للأعمال الصغيرة؟

TT

منذ وقت ليس ببعيد، تلقيت رسالة عبر البريد الإلكتروني من ديفيد رينيكي، وهو صديق قديم وزميل سابق كان قد ترك الصحافة منذ سنوات وأصبح رجل أعمال صغيرا. وقام ديفيد بإنشاء شركة تسمى «بلو هيرون ريسيرش بارتنرز» تقوم بعمل أبحاث للخبراء الاستثماريين. وكتب ديفيد الرسالة ليعبر عن إحباطه من محاولة إقامة مشروع تجاري في أعقاب فترة الركود الاقتصادي.

وكتب ديفيد قائلا: «مثلنا مثل الكثير من الشركات الصغيرة، تأثرنا كثيرا بالركود. وبدلا من تقليص النشاط، اخترنا أن نكافح ونواصل العمل». وقام ديفيد وزوجته مارسيا باستثمار كل ما لديهما من أموال في الشركة ورفضا الاستغناء عن أي من الثلاثة موظفين العاملين بالشركة. وخلال هذه الفترة السيئة، استخدم ديفيد وزوجته بطاقات الائتمان الخاصة بهما حتى يستمرا في مواصلة العمل. وأضاف ديفيد: «وبعد مرور الأزمة، قمنا بتوظيف عمال جدد مرة أخرى». (تضم الشركة الآن تسعة عمال بدوام كامل). وتابع ديفيد قائلا: «أصبح العمل قويا ولدينا مستحقات بشكل لا يصدق وعقود طويلة الأجل مع مستثمرين مستقرين».

وكانت مشكلة ديفيد – ولا تزال – هي نفس المشكلة التي تواجه الملايين من أصحاب الأعمال الصغيرة. ونتيجة لتشديد معايير الإقراض بشكل كبير في أعقاب الأزمة المالية، أصبحت المصارف ترفض تقديم القروض للمشروعات الصغيرة، ولا حتى للأشخاص ذوي الجدارة الائتمانية مثل ديفيد، مما يعني أنه لا يمكنه التوسع – وتعيين مزيد من العمال – بالطريقة التي يريدها. وصرح ديفيد بأنه يمكنه الاستمرار في ضخ أمواله في أعماله التجارية وستنمو ببطء، ولكنه بحاجة إلى قروض مصرفية حتى يتوسع في العمل.

وكتب ديفيد في الرسالة يقول: «تقول المصارف إنها تقدم الائتمان وتمنحك الكثير من الاقتراحات، ولكنها لا تقدم شيئا في نهاية المطاف». وقد حاول ديفيد ثلاث مرات الحصول على 50000 دولار من اثنين من المصارف المختلفة، بما في ذلك مصرف «جي بي مورغان تشيس» الذي تتعامل معه الشركة لتلبية الاحتياجات المصرفية الخاصة بها. وقام ديفيد باستعراض مستحقات الشركة والعقود طويلة الأجل أمام مسؤولي منح القروض، ولكن بلا جدوى وتم رفض طلبه ثلاث مرات، حيث رفض مصرف «جي بي مورغان» قبول أي ضمانات إضافية.

وتلقيت بريدا إلكترونيا مماثلا من رجل أعمال صغير اسمه بيل سكولثيس، وكان يحاول مساعدة زوجته في بدء تشغيل منتجعات راقية في منطقة بلفيو بواشنطن، وكان يحاول هو وزوجته، زيكين تشانغ، الحصول على قرض بقيمة 500000 دولار.

وكتب بيل في الرسالة يقول: «جاءت زوجتي من الصين إلى هنا قبل 13 عاما». وقامت الزوجة بالفعل بإنشاء وبيع منتجعين، ولكنها الآن تريد إنشاء شيء أكبر وأكثر رفاهية. إذا سار كل شيء حسب الخطة الموضوعة، حسب الرسالة البريدية لبيل، سوف تقوم زوجتي بتوظيف ما بين 25 و35 شخصا – وقال الزوج ساخرا «وهو ما سيقدره أوباما بالفعل».

وأرسل لي بيل خطة عمل المنتجع الجديد، وكانت مثيرة للإعجاب. ولخص الزوج السجل الحافل لزوجته في هذا العمل، وأشار إلى أن ما يتقاضاه من عمله اليومي – يعمل كمدير استثماري – يمكن أن يسدد القرض في غضون 18 شهرا. وبعد ذلك، أرسل لي التفاصيل الدقيقة لجهوده التي فشلت والتي تعود إلى شهر أبريل (نيسان) 2010 للحصول على قرض من شأنه أن يساعد زوجته على تحقيق حلمها.

وتم رفض طلب بيل للحصول على قرض من 14 مصرفا مختلفا، بما في ذلك مصارف «ويلز فارغو» و«كاثي بنك» و«كيبنك» و«كولومبيا بنك». وكان السبب وراء الرفض هو عدم وجود ضمانات. وكتب بيل في أوائل شهر أغسطس (آب) الماضي: «تغلق المصارف أبوابها أمامنا، رغم أننا نطرح 60% من مشروع بقيمة 1.3 مليون دولار، وهو ما يعني أننا وصلنا لمنتصف الطريق».

وبعد بضعة أسابيع، أرسل بيل لي بريدا إلكترونيا آخر وكان مختلفا للغاية، حيث إن بيل وزوجته في طريقهما للحصول على القرض بعد موافقة مؤسسة «ستيرلينغ سافينجس بنك» المحلية والكائنة بمنطقة سبوكان بواشنطن، وهو ما كان مصدر دهشة وسرور لبيل وزوجته.

والسؤال الآن هو: لماذا كانت هذه المؤسسة على استعداد للتغاضي عن عدم وجود ضمانات، والذي كان سبب رفض كل المؤسسات الأخرى؟ وكانت الإجابة هي لأن منح قروض معقولة – كما أخبرني أحد المسؤولين التنفيذيين في المؤسسة وهو روبرت ويسيل – لأصحاب الأعمال الصغيرة كان هو التحدي الأكبر لهذه المؤسسة، حتى عندما لم يف طالبو القروض بـ«المعيار التقليدي»، على حد تعبيره.

وفي ليلة الخميس الماضي، قدم الرئيس أوباما سلسلة من الإعفاءات الضريبية للشركات الصغيرة، وقال في الكونغرس: «كل شخص هنا يعرف أن الشركات الصغيرة توجد حيث تبدأ معظم الوظائف الجديدة». أنا لا أقصد أن يتم تقليل الإعفاءات الضريبية والتي يمكن في الواقع أن تشجع الأعمال الصغيرة على البدء في عملية التوظيف، ولكن ما أقصد هو أن الشركات الصغيرة تحتاج إلى القروض، وهذا هو ما يتعين على الرئيس أن يقوم بتشجيعه.

وقبل ثلاث سنوات من الآن، استخدمت الحكومة الفيدرالية عشرات المليارات من أموال دافعي الضرائب لإنقاذ النظام المصرفي. والآن وفي هذه اللحظة الاقتصادية العصيبة، يجب على المصارف رد الجميل للبلاد. وربما يكون تشجيع المصارف على محاكاة مؤسسة «سترلينغ سافينجس بنك» وعدم القيام بما قام به مصرف «مثل جي بي مورغان تشيس» هو الشيء الذي يتعين على الرئيس مراعاته في الخطة التي تهدف إلى توفير المزيد من فرص العمل.

* خدمة «نيويورك تايمز»