كلنا ضحايا المجانين

TT

يبحث البعض عن زوجة غنية، أو مثقفة أو من أسرة متنفذة، أو عندها منصب أو شهادات. أنا التقيت بشتى الفتيات ولكنني كنت دائما أفتش عن امرأة عاقلة. لي ولدان منها الآن. ودأبت على توجيه نفس النصيحة كلما التقى أحدهما بفتاة. يا ولدي تحقق من حالتها العقلية. هل تعاني من مشاكل نفسية أو عقلية؟ فهذه المشاكل تنغص حياة كل من حولها، بل وتدمرها في الأخير. والمشكلة في هذه المشاكل أنها يصعب علاجها وتستمر. حتى السرطان له نهاية. ولكن الشيزوفرينيا والبارانويا والملانخوليا ومركب النقص ليس لها نهاية. ولا تدري متى تنفجر وتتجدد. السرطان محصور بمن ابتلي به ولكن الشيزوفرينيا مثلا تؤثر على كل العائلة وجميع من حولها.

ما ينطبق على الفرد ينطبق على الحكام. فليبيا والعراق وألمانيا من قبلهما عانت من هذه المشكلة عندما سمحت لمجانين، هتلر وصدام حسين والقذافي، بتولي الحكم. وكما قلت، يصعب على المجنون الشفاء التام ويستطيع أن ينقل كل قدرات المخ إلى جانب واحد يركز عليه فيعطيه طاقات هائلة تمكنه من السيطرة على كل من حوله وكل ما يحيط به. ينخدع الناس بذلك فيطيعونه ويلتفون حوله ويعتبرونه ملهما من الرب. وهكذا يستمر لسنين طويلة متربعا على دست الحكم، كما حصل لكل هؤلاء المجانين الثلاثة، حتى يودي به جنونه في الأخير إلى الوقوع بنهاية مأساوية.

سيفتش الشعب الليبي الآن عمن يحكمه. وأعتقد أن أول ما ينبغي مراعاته هو النصيحة التي أعطيتها لولديّ. احذر من الوقوع بحب امرأة مختلة العقل أو غير سوية نفسيا. ستتعبك وتجرك إلى كارثة.

كنت قبل أشهر، قد كتبت مقالة أبديت فيها عجبي في أن نطالب أي رجل يتقدم لأبسط عمل، مثل بواب أو رزّام أو خادم أو بوسطجي أو سائق سيارة أن يقدم لنا تقريرا طبيا عن سلامته من الأمراض. لا أدري لماذا نفعل ذلك ولا نطبقه على المسؤول الذي نختاره. أعتقد أننا لا نفعل ذلك لأننا بحد ذاتنا مجانين. لا أستطيع العثور على أي تفسير آخر.

أقول لإخواننا الليبيين لا تعينوا أي حاكم حتى يأتيكم بتقرير طبي مصدق من طبيبين اختصاصيين يشهدان بسلامته من الأمراض العقلية والعلل النفسية. وهذا مهم جدا في عالمنا العربي. فيجب أن ننظر بشك وريبة نحو أي رجل يطمح لرئاسة أي بلد من بلداننا العربية. فطموحه هذا دليل أولي على اختلال عقله. فالعقلاء في هذه الأيام يطمحون لشيء واحد هو الهجرة للغرب. المجانين فقط يتهالكون على الحكم فيفكرون بتدبير انقلابات ومؤامرات للوصول للسلطة ويكتبون برامج مفصلة لإصلاح كل شيء في العالم.

ربما سيتعذر على إخواننا الليبيين الحصول على طبيبين عاقلين بقيا في طرابلس يعطيان مثل هذه الشهادة لأي إنسان. الحل الآخر هو أن ينظروا في عيني أي متقدم للرئاسة. فكثيرا ما يمكن اكتشاف جنون أي شخص من النظر في عينيه. وهذا ما أنتقدهم عليه. كان بإمكانهم بنظرة واحدة سريعة في عيني القذافي أن يدركوا أن مكانه الصحيح هو البيمارستان.