خروج أميركا من اليونيسكو

TT

إنه يشبه خروج السعودية من منظمة رابطة العالم الإسلامي، لا يعقل أن أميركا التي هي أكبر بلد منتج للأعمال الثقافية تبقى خارج منظمة الثقافة، لكن القرار يخص الأميركيين الذين يهددون بالانسحاب احتجاجا مع احتجاج إسرائيل. مواقف سياسية لا علاقة لها بالثقافة، سواء منع فلسطين لأنها ليست دولة معترفا بها من قبل الأمم المتحدة، أو مقاطعة الولايات المتحدة لليونيسكو رفضا للأغلبية التي سمحت لفلسطين بكرسي كبقية الدول. وأنا أستبعد أن تخرج البعثة الأميركية وتطوي عملها من وكالة اليونيسكو، لأنها لاعب أساسي، أيضا سيكون وضع المنظمة غريبا أن تصبح الدولة الأولى ثقافيا في العالم خارج أسوارها. ووفق إحصاءات اليونيسكو نفسها فإن الولايات المتحدة تنشر في السنة نحو ثلاثمائة ألف كتاب، وفرنسا مثلا ستين ألف كتاب، ومصر، أكبر الدول العربية، تسعة آلاف كتاب.

اليونيسكو منظمة للثقافة والعلوم معنية بتنظيم الثقافة وتشجيعها بين المائة والواحد وتسعين دولة الأعضاء فيها، ومن أهم النشاطات التي سعت الدول الكبرى لتكليفها به ضمان حقوق التأليف والنشر، القضية العويصة في مجالات النشر المختلفة.

وإذا كان خبر دخول فلسطين عضوا حدثا رمزيا سعيدا، فإنه يفترض ألا يسخره الغربيون وسيلة لتحميل الدول العربية، وتحديدا الخليجية، التكاليف المالية، حيث إن الولايات المتحدة تعتزم الامتناع عن دفع اشتراكها وقيمته ثمانون مليون دولار. فمن سيدفع الثمانين مليون دولار إذن؟ غالبا ستوجه الأنظار نحونا لدفع الثمن. وهو مبلغ يستحق أن ندفعه عن طيب خاطر لو أن عضوية فلسطين سترد شيئا ملموسا للفلسطينيين، إلا أن مقعدها في اليونيسكو حضور رمزي يختلف عن مقعدها الذي تحارب من أجله في المنظمة الأم، الأمم المتحدة. ويستحق أن نعوض ثمن اشتراك الأميركيين لو كان إنتاجنا الثقافي من الضخامة بما يستوجب الاستعانة باليونيسكو لحماية حقوقنا. أنا أفضل أن أدفع ثمانين مليون دولار للمدارس الفلسطينية مباشرة في الأراضي المحتلة على أن أدفعها للبيروقراطيين في اليونيسكو في باريس. يمكن أن نعوض ما تمتنع إسرائيل عن دفعه، وهو مليونا دولار فقط، طبعا مقابل خروجها، ونظرا لصغر قيمته المالية.

ملاحقة إسرائيل في وكالات الأمم المتحدة مسألة مكلفة، ولو أننا وافقنا على تعويض ما تمتنع الولايات المتحدة عن دفعه في كل منظمة دولية سنتعرض للإفلاس دون أن يرد هذا الاستعراض الإعلامي للفلسطينيين شبرا واحدا من أراضيهم التي تحتلها إسرائيل. فالنزاع لم يكن على كرسي وطاولة وعَلَم في منظمة دولية، بل الهدف كان، ولا يزال، إعادة الحقوق الأساسية للفلسطينيين، أرضهم ودولتهم. أما المشاركة في المنظمات الدولية فهذا نتيجة طبيعية لقيام الدولة.

[email protected]