هل يجب أن يهجر مستثمرو الخليج منطقة اليورو؟

TT

اتسع نطاق أزمة منطقة اليورو هذا الأسبوع، مثلما اتسعت الفروق بين السندات الفيدرالية الحكومية الألمانية وسندات دول منطقة اليورو الأساسية التي تحمل التصنيف «AAA»، مثل فرنسا وهولندا والنمسا، بشكل هائل. سيسأل مستثمرو منطقة الخليج، ولا سيما المستثمرون في صناديق الثروة السيادية، أنفسهم عما إذا كانوا يجب أن يواصلوا الاستثمار في منطقة اليورو. والإجابة هي نعم بكل تأكيد.

لقد أنشأت دول الخليج صناديق سيادية لضمان رفاهية الأجيال المقبلة، إضافة إلى تنويع مصادر الدخل.

وتشمل الأهداف كذلك تدوير أموال النفط لتحقيق أرباح عبر الاستثمار مع شركائها التجاريين الرئيسيين، ومن هذا المنطلق، من المهم ألا تنسحب الصناديق السيادية من منطقة اليورو في الوقت الراهن. وتعتبر منطقة اليورو أكبر شريك تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي، من خلال ميزان تجاري إيجابي لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2010 قيمته 40 مليار دولار. وتعتبر منطقة اليورو أيضا أكبر الاقتصاديات في العالم، بتحقيقها ناتجا محليا إجمالي نسبته 25 في المائة مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الذي يقدر بنسبة 24 في المائة. ومع احتياطيات نقد أجنبي قيمتها 558 مليار دولار في عام 2010، من بينها 140 مليار دولار من المرجح أن تمتلكها دول منطقة اليورو، وأصول قيمتها 1.4 تريليون دولار تملكها صناديق الثروة السيادية، يجب أن تستمر دول مجلس التعاون الخليجي في الاستثمار في أكبر الأسواق وأكثرها نضجا، الولايات المتحدة ومنطقة اليورو. ولا تتمتع أي أسواق أخرى بدرجة العمق والنضج التي تكفل لها استيعاب هذا المستوى من الاستثمار. إضافة إلى ذلك، فإن إعادة تدوير جزء كبير من الموازين التجارية الموجبة مع الشركاء التجاريين أمر ضروري للحفاظ على استقرار الشركاء التجاريين والعلاقة التجارية. وحتى على الرغم من أن المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي ربما يبدأون في توجيه مزيد من الاستثمارات إلى الصين وأفريقيا، إضافة إلى الاستثمارات الإقليمية والمحلية، ستكون هناك حاجة إلى تنفيذ كم كبير من الاستثمارات في منطقة اليورو. كعملة، أثبت اليورو قدرته على التعافي على الرغم من أي أزمة شديدة. وخلال هذا العام، بقي اليورو ثابتا في مقابل الدولار الأميركي والجنيه الإسترليني، وانخفضت قيمته بأقل من نسبة 5 في المائة مقابل الين الياباني و8 في المائة في مقابل الفرنك السويسري. وقد انتهج البنك الوطني السويسري سياسة منع مزيد من الرفع لقيمة الفرنك السويسري في مقابل اليورو، ومن ثم، هناك فائدة محدودة لحمل الفرنك السويسري بدلا من اليورو للاستفادة من رفع قيمة العملة. وإضافة إلى ذلك، فقد ارتفعت قيمة اليورو هذا العام مقابل عدد من عملات الأسواق الناشئة مثل الريال البرازيلي والليرة التركية والزلوتي البولندي وغيرها من عملات دول أوروبا الشرقية الأخرى.

إن بيع أصول اليورو ترقبا لحدوث انخفاض في قيمة اليورو في حد ذاته مراهنة خيالية على نتيجة محتملة ولكن من غير المرجح حدوثها. في الوقت الحالي، لا توجد آلية قانونية لطرد الدول الأعضاء من منطقة اليورو أو لمغادرة الدول الأعضاء منطقة اليورو. وسيكون من اللازم إن توافق على مثل هذه الآلية جميع الدول الأعضاء أو على الأقل جميع الدول الأعضاء في منطقة اليورو. إضافة إلى ذلك، فإن هناك التزاما سياسيا جامحا بالحفاظ على اليورو، في الوقت الذي لا يوجد فيه دعم سياسي بارز لهجر اليورو. وفي حالة ما إذا انتهى الحال بأي من الدول الضعيفة إلى هجر اليورو، ستكون النتيجة المرجحة هي عملة يورو أقوى، على الرغم من العواقب السلبية بالنسبة لاقتصاد المنطقة والعالم بأسره.

إن نتائج أزمة اليورو محسوسة بمختلف أنحاء العالم بأسره؛ ومن ثم، فإن تجنب أصول منطقة اليورو لن يكفي لحماية المستثمرين من تبعات أزمة منطقة اليورو. ويتمثل رد الفعل المناسب في القضاء على مخاطر المحافظ الاستثمارية وضمان علاقات مناسبة بين المخاطر والعائدات وتنفيذ عملية تنويع ملائمة بين فئات الأصول غير المرتبطة ببعضها أو المرتبطة ببعضها بدرجة بسيطة. ويجب أن يشمل هذا الفئات المعتادة من الملكيات والأسهم الخاصة والبنية التحتية.

وتزود الأزمة المستثمرين بفرص لتنفيذ عمليات استحواذ استراتيجية أو انتهازية على أصول جذابة في منطقة اليورو. وستظهر الفرص مع بيع المصارف أصولا لزيادة نسب رأسمالها وسعي المجموعات المعتمدة بدرجة هائلة على الديون إلى تخفيض حجم مديونيتها. وستشعر شركات الأسهم الخاصة بقدر من الضغط يدفعها للخروج من شركات المحافظ الاستثمارية الحالية وإعادة الأموال إلى المستثمرين قبل بدئهم جولتهم التالية من جمع رأس المال. بالفعل، قد شهدنا مستثمرين قطريين يشترون وحدة مصرفية خاصة في لوكسومبورغ تابعة لمصرف «ديكسيا» يستثمرون مبلغا قيمته مليار دولار في مشروع تنقيب عن الذهب في اليونان ومبلغا قيمته 670 مليون دولار في مصارف يونانية. هذا هو وقت الفرص، إلى جانب الأزمات. ولا يكون تجنب الاستثمار في أكبر اقتصاد في العالم رد فعل معقولا بالنسبة لمستثمري الخليج. سيحتاج مستثمرو مجلس التعاون الخليجي إلى المشاركة مع منطقة اليورو ومخاطبة الأزمة بشكل استباقي وذكي.

* مصرفي ومحام أميركي - المدير التنفيذي والشريك بشركة «ايميرجينغ غروث إنفسمينت بارتنرز» في حي المال البريطاني