حلبة حوار أم مصارعة؟!

TT

كادت تتحول حلقة البرنامج الحواري «بموضوعية» في تلفزيون «إم تي في» اللبناني إلى حلبة مصارعة بعد أن احتدم النقاش بعنف، فاستشاط أحد المشاركين السياسيين السوريين غضبا في وجه النائب السابق اللبناني، فرد عليه الأخير بكلمة نابية، ثم هم السوري أن يقذفه بالكرسي لولا تدخل المذيع في اللحظة الأخيرة!

وفي الأسبوع نفسه، شهدت شخصيا مقابلة تلفزيونية ساخنة في قناة «الوطن» بين نائب ونائبة في مجلس الأمة الكويتي، قاطع فيها النائب زميلته بطريقة استفزازية لم تجعلها تعبر عن وجهة نظرها، مما أثار امتعاض متابعين كثر في موقع «تويتر»، إذ قاطع النائب محدثته بمعدل 20 مرة في غضون 15 دقيقة، وقد انتهى الأمر بأن صرخ المذيع على المخرج بصوت مرتفع سمعنا صداه في جنبات الأستوديو لعل المخرج ينقذه بسرعة بفاصل قصير.

مشكلة بعض البرامج الحوارية أن المذيع لا يتدخل في الوقت المناسب، فيترك الضيفين يتلاسنان وينحدران بالألفاظ المستخدمة من دون أن يحرك ساكنا حتى تقع المعركة. ولا يدري أنه بذلك لا يجذب جمهورا أكثر إليه، بل يطلق صورة سلبية عنه وعن قناته وضيوفه. حقيقة يعجبني بعض مذيعي قناتي «بي بي سي» و«العربية» المهنيين الذين ما إن يخرج الحوار عن جادته، كأن يشتم ضيفا آخر، أو يطلق تهمة كبيرة بحق شخص غير موجود في الأستوديو، حتى يسارع المذيع إلى إيقاف الضيف بحزم حفاظا على كرامة من تمت إهانته من جهة، وليتحقق مبدأ التكافؤ في الحوار بحق الشخص المتهم الغائب من جهة أخرى.

كما أن بعض المذيعين ينسون تذكير الضيف بأن من حقهم أن يوقفوا الحوار معه في أي لحظة أو أن يهددوا بإلغاء الحلقة إذا استمر تدني مستوى الحوار، وذلك بحجة احترام المشاهدين. ولأن ما يحدث على شاشة الفضائيات يدخل كل بيت. وأذكر أن ابني الصغير سألني ببراءة ذات مساء لماذا ألقى مذيع شماغه وعقاله (الكوفية) على الطاولة وصرخ بأعلى صوته في وجه متصل كانت كل مشكلته أنه قال رأيه بكل صراحة؟ فلم أستطع أن أبرر له هذا التصرف الغريب.

يتحمل بعض الإعلاميين «جزءا» من انحدار الحوار في المجتمع، لأن سكوتهم عن حفلة الشتائم والتراشق بأقذع الألفاظ يسهم في انتشارها وجعل المشهد الحواري الهابط مألوفا بين الناس!

* كاتب متخصص في الإدارة

[email protected]