نار يا حبيبي نار

TT

يلومني كل من يتعاطف معي على أنني أنشر غسيلي على اللي يسوى واللي ما يسوى، ونسي هؤلاء أنني لا شك عندي في نفسي على الإطلاق، كما أنه لا شيء مهما عندي حتى أخفيه، وأن الناس لو تصارحوا وتكاشفوا لما كان فيهم هذا القدر الكبير من الكراهية والبغضاء والضغائن.

الناس في مجملهم طيبون ومساكين وأكثرهم (على نياتهم)، لكنهم من شدة عجزهم يخافون من غيرهم وكأن الآخرين يريدون أن يأكلوهم، لهذا يتدثرون بالتزييف والكذب، معتقدين أن الصدق والصراحة سيكشفان عوراتهم، مع أن الحقيقة أبسط كثيرا مما يتصورون.

ومن أهم الكتب التي غيرت مسار حياتي كتاب «الاعترافات» (لجان جاك روسو)، ومن بعده أخذت (أرتع) في ملكوت الحياة لا أخاف من الناس ولا أخاف على نفسي منهم، إنني فقط أخيف البعض منهم.

وفي أول أيام مراهقتي غير البريئة أحببت فتاة من (الشباك للشباك)، وكان ذلك هو أول غرام في حياتي قبل آلاف الغراميات التي توالت بعد ذلك وما زالت ولله الحمد تتوالى على عمري المديد الممتلئ بآلاف الخطايا.

أقول إنني في ذلك الوقت كنت مأخوذا بأغنية عبد الحليم (نار يا حبيبي نار)، وكنت على الدوام أصدح بها بصوتي (المسرسع) ذي الحبل الواحد تحت نافذة معشوقتي وكأني (روميو) عندما كان يعزف قيثارته تحت شرفة (جولييت).

ولكن مثلما يقولون فمن العشق ما قتل، بل ومن العشق ما أضرم النيران كذلك، مثل تلك الفتاة الأميركية التي تخلى عنها خطيبها للزواج من أخرى في عمر أمه تمتلك المال والثروة والسيارات الفارهة، فأشعلت النار في جسدها ثم هبت للقاء خطيبها السابق واحتضنته، وحاول المسكين الإفلات والتخلص من الموقف ففشل بعد أن أمسكت به بكل ما أوتيت من قوة حتى لقي مصرعه معها - وللمعلومية فقد كانت تلك المرأة تمارس المصارعة الحرة ولديها عدة جوائز في ذلك.

وعجزت أجهزة الشرطة عن تصنيف هذه الجريمة أو توصيفها لغرابتها، فقيدت على أنها حادث انتحار وقتل في الوقت نفسه.

غير أن ما أحزنني أكثر هو تلك العجوز الهندية في ولاية (تشايتسجرة)، التي ألقت بنفسها في نيران محرقة زوجها الراحل أثناء جنازته، فقتلت نفسها في أحد الطقوس التي أصبحت محظورة الآن قانونيا. وقال ضابط الشرطة إن المرأة وتدعى (لالماتي فيرما) وعمرها 71 سنة قتلت نفسها بعدما غادر المشيعون موقع المحرقة.

أما أسخف حادث غرامي فهو ما حصل من سيدة تدعى (تيري بارتون)، وتبلغ من العمر 38 عاما، بعد أن تلقت رسالة من زوجها المبتعد عنها فأحرقتها وألقت بها في غابة بارك الوطنية بولاية (كولورادو)، ولم تعلم تيري - التي تعمل منذ مدة طويلة في هيئة الغابات الأميركية - أنها أشعلت أكبر حريق في تاريخ الولاية، واعتقدت هي أن الورقة المحترقة قد انطفأت، لتكتشف بعد ذلك أن الحريق امتد إلى أكثر من 400 مليون متر مربع، واحترق من جراء ذلك عشرة آلاف منزل.

هل تصدقون أنني تمنيت أن أكون أنا زوج تلك (الست)؟!

رحم الله (نيرون)، وأطال الله في عمر مشعل أو (عديم) سابقا.