العلم الذي أتقنه

TT

أعترف لكم أنه سبق لي أن مارست ما يشبه السحر أو التنجيم، وقد (غششني) ذلك أحد الجهابذة من الذين يحسنون اللعب (بالثلاث ورقات).

وقد برهنت على ذلك في مجلس ضم ما لا يقل عن عشرين رجلا، ووزعت عليهم أوراقا وطلبت من كل واحد منهم أن يكتب كلمة ثم يطبق الورقة ثم يضعها في طبق كبير، وكنت في ذلك الوقت بعيدا عنهم، وما إن انتهوا حتى أتيت وبدأت أقرأ ما فيها الواحدة تلو الأخرى قبل أن أفتحها، وكانت قراءتي كلها صحيحة وسط دهشة الجميع وعدم تصديقهم، وحاول البعض منهم المستحيل أن أعطيهم السر العجيب بقدرتي الإعجازية تلك، ولكنني رفضت بكل كبرياء الاستجابة لتوسلاتهم.

غير أن ضميري بدأ يعود لي الآن، وسوف أكشف السر علنا للجميع وخصوصا أنني قررت أن أتوب عن الشعوذة، وإليكم السر أو اللعبة. فيا عزيزي القارئ إذا أردت أن تضحك على (ذقون وعقول) البعض:

لكي تبرهن للجميع على قدرتك الخارقة وزع عليهم قصاصات من الورق، واطلب إلى كل واحد منهم أن يكتب على قصاصته أي كلمة تروق له، ثم يطوي القصاصة ويضعها في ظرف يلصقه جيدا، فإذا جمعت الظروف، فتأملها جيدا، ثم اختر واحدا منها، وأمسكه أمام عينيك فترة كأنك تخترقه بنظراتك، ثم ضعه على جبينك، وأغمض عينيك واذكر حروف الكلمة التي سطرت على القصاصة التي بداخله.

وهكذا افعل ببقية الظروف، وسيبدو لك الأمر مستحيلا، ولكن ما المانع من أن تتفق مقدما مع أحد الحاضرين - دون علم الباقين طبعا - على أن يكتب في قصاصته كلمة معينة، ولتكن (أمريكا)، مثلا، فإذا جمعت الظروف، ضع ظرف زميلك في المؤخرة وتناول أول الظروف، وتأمله، ثم ضعه على جبينك، وفي هدوء وتباطؤ، قل: ألف، ميم، راء، ياء، كاف، ألف!.. من فيكم كتب أميركا؟ وسيقف زميلك طبعا، ويقول: (أنا)..

وعندئذ، افتح الظروف، وتأمل القصاصة التي بداخله، كأنك تستوثق من الأمر، ومن الطبيعي أنها لن تكون قصاصة زميلك، وإنما قصاصة شخص آخر، وبعد أن تلم بالكلمة التي كتبت بها - ولتكن (صيف) مثلا طبقها وضعها في جيبك، وتناول ظرفا آخر، فافعل به ما فعلت بالأول، ثم قل: - صاد، ياء، فاء، صيف، من كتب (صيف)؟!

وسيجيبك أحد اللاعبين، وإذ ذاك افتح الظرف الذي على جبينك، وهو غير ظرفه طبعا، لأن الآخر في جيبك.. وبذلك ستعرف كلمة ثالثة.. وهكذا، إلى أن تنتهي من جميع أوراق الحاضرين دون أن تغلط غلطة واحدة.

يمكن هذه المرة الوحيدة التي استطعت أن أعطيكم فيها درسا في علم (الخداع)، وهو العلم الذي أتقنه جيدا عند الضرورة وفي بعض الأحيان.

[email protected]