الأخضر هو لوني المفضل

TT

ذكر لي أحدهم قائلا: مررت بحادثة، وسوف أرويها لك على شرط أن تشير لها في عمودك.

قلت له: ولا يهمك هات ما عندك و(حط في بطنك ليمونة حامضة)، فقال: عندما كنت مسافرا على متن إحدى طائرات الخطوط الجوية البريطانية (British Airways) في رحلة بين جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا إلى لندن بإنجلترا، وفي مقاعد الدرجة السياحية كانت هناك امرأة بيضاء تبلغ من العمر نحو الخمسين سنة تجلس بجانب رجل أسود وكان من الواضح أنها كانت متضايقة جدا من هذا الوضع، حيث استدعت المضيفة وقالت لها: من الواضح أنك لا ترين الوضع الذي أنا فيه، لقد أجلستموني بجانب رجل أسود، وأنا لا أوافق على أن أكون بجانب شخص مقرف، يجب أن توفروا لي مقعدا بديلا.

قالت لها المضيفة: اهدئي يا سيدتي، كل المقاعد في هذه الرحلة ممتلئة تقريبا، لكن دعيني أبحث عن مقعد خال!

غابت المضيفة لعدة دقائق ثم عادت وقالت لها: سيدتي، كما قلت لك، لم أجد مقعدا واحدا خاليا في كل الدرجة السياحية لذلك أبلغت الكابتن فأخبرني أنه لا توجد أيضا أي مقاعد شاغرة في درجة رجال الأعمال، لكن يوجد مقعد واحد خال في (الدرجة الأولى)، وقبل أن تقول السيدة أي شيء، أكملت المضيفة كلامها قائلة: ليس من المعتاد في شركتنا أن نسمح لراكب من الدرجة السياحية أن يجلس في الدرجة الأولى، لكن وفقا لهذه الظروف الاستثنائية فإن الكابتن يشعر أنه من غير اللائق أن نرغم أحدا على أن يجلس بجانب شخص مقرف لهذا الحد، ثم التفتت المضيفة نحو الرجل الأسود وقالت: سيدي، هل يمكنك أن تحمل حقيبتك اليدوية وتتبعني فهناك مقعد ينتظرك في الدرجة الأولى.

وقد أعجب بقية الركاب بتصرف المضيفة تلك، إلى درجة أن بعضهم أخذ يصفق.

* * *

بعد تكاثر عمليات الانتحار على جسر (بلاك فرايار) في لندن قررت البلدية تغيير لونه من الأغبر القاتم إلى اللون الأخضر حيث انخفضت بعده حوادث الانتحار إلى الثلث فورا.

الحمد لله الأخضر هو لوني المفضل، لهذا من المشكوك فيه أن أموت منتحرا، فكل ما في حياتي هو (أخضر x أخضر)، والدلالة على ذلك أن قلبي أخضر، ولون منزلي يميل إلى الاخضرار، وأهم من ذلك كله أن علم بلادي الذي أفخر به لونه أخضر.

* * *

صدقوني أنه لا يوجد في العالم من هو مخطئ على الدوام، ومثلما أكد أحدهم عندما قال: حتى الساعة المتوقفة تكون على حق مرتين في اليوم الواحد.

وأنا في حياتي مثل تلك الساعة.