1967؟

TT

لا أذكر متى قرأت كلاما خلاصته: أنه في عام 1967 اختفت تماما فكرة ليبرالية أو ديمقراطية مستعارة من الغرب، لكي تحل محلها أفكار الإخوان المسلمين، برفضهم للغرب وعودتهم نحو التعلق بالإيمان. كاتب هذا القول هو الروائي الإسكندراني إدوار الخراط. وليس من الممكن عدم العودة إليه، فيما يتضح أن «الإخوان» سوف يشكلون نظام الحكم المقبل في مصر وليبيا وتونس، وفيما يلعبون دورا أساسيا في اليمن وفي الثورة السورية، ويتصدرون حركة الاحتجاج في الأردن، ويستقبلون إسماعيل هنية كرفيق سلاح من حركة أحمد ياسين.

كل تغيير بدأ في هزيمة 1967 التي سميت، للتحبب، النكسة. لم يستطع العربي أن ينسى أنه هزم وهو الأكثر عددا والأكثر صدقا والأحسن نية. لكنه خسر وهزم وفقد القدس والضفة وسيناء والجولان وسمعته كجندي ومقاتل. عندما تأمل العربي هزيمته راح يعود إلى عصور النصر. وعندما تهدمت الدنيا فوق رأسه طاف بين الركام يتأمل الجمر الباقي في أكوام الرماد.

ما نراه اليوم هو تداعيات الهزيمة. ليس فقط على الجبهة بل في الاقتصاد والعمل والصناعة، وفي الاستسلام للفساد، وفي استغلال السلطة لقبول الناس بتبلدها حيال كرامتهم، وبانتقال النظام العربي من نظام عسكري يرفع شعار القضية، إلى نظام مخابراتي يتحكم حتى في العسكر.

انتظر المهزوم العربي تعويضا ماليا وظل في قعر الكفاية، وانتظر تعويضا نفسيا فلم يعط سوى الذل. وانتظر العلم فالتصق بجدران الأمية. وتوقع الفلاح أن يرتقي من حراثة الخيول الهرمة إلى آلالات ولو بدائية، وبقي يغرق في الوحل خلف الخيول المسكينة والمظلومة أكثر منه.

عام 1967 كان هو الفاصل. العام الذي لم يهزم العربي فقط بل أضاع أرضه وحلمه. بدل أن تنصرف الدولة للاهتمام بحياته، انصرفت لتغطية فظاعات الهزيمة. بدل أن تتحمل هي المسؤولية نقلتها إليه وراحت تؤنبه وتراقبه وتحرمه من الكلام، بداعي أن ذلك يحبط العزائم.

ازدهر شيء واحد بعد 1967: الفساد. ثم صار الفساد هو النظام. هو القانون. هو النموذج. وساد الصمت أعالي وأسافل البلدان. سقطت الفكرة القومية، بأشكالها، ومرة واحدة خرج «الإخوان» من عالم الصمت والخفاء ووجدوا في انتظارهم الذين كانوا يقترعون لمرشح ويفاجأون بفوز مرشح الحزب الوطني. أو أي حزب قائد آخر.