ويل لمن زاد إنتاجه!

TT

الإيرانيون بدلا من أن يهددوا الأميركيين والأوروبيين، الذين فرضوا حظرا على تعاملاتهم المصرفية في أنحاء العالم، اختاروا أن يهددوا دول الخليج، إن فتحت «حنفية» النفط، وزادت من إنتاجها. بلطجة إيرانية ضد جيرانها الأصغر، تذكرنا بموقف رئيس العراق الأسبق، صدام حسين، الذي هدد مرة الإمارات والكويت بحجة أنهما تزيدان إنتاجيهما، فقط لأنه يريد رفع سعر برميل النفط.

ولحسن الحظ، سبق تصريح وزير النفط السعودي الوعيد الإيراني، فأعلن استعداده لرفع الإنتاج لتلبية أي طلب بالمزيد من البترول، إن حدث نقص في السوق. والنقص هنا إيراني بالطبع، مع أنه لم يسمّ النفط الإيراني بالاسم، جراء حظر الولايات المتحدة التعامل مع بنكها المركزي، وتبني أوروبا الامتناع عن شراء النفط الإيراني. تصريح الوزير أغضب إيران، وفي نفس الوقت طمأن السوق الدولية. وقد فقدت كثرة التهديدات الإيرانية هيبتها، بتجويع العالم من بترول الخليج، بسد مضيق هرمز المائي، أو الاعتداء على دول الخليج، ولن يفيد في إرباك السوق العالمية وجود دول نفطية كبرى مستعدة لتعويض أي نقص محتمل.

ولا أظن أن إيران ستتجرأ على إغلاق مضيق هرمز، ولا الاعتداء على المنشآت البترولية السعودية، والخليجية الأخرى، بل تريد تخويف المشترين ورفع السعر بحرب التصريحات. وفضلا عن فقدان التهديدات الإيرانية قيمتها (طبعا ما لم تتجرأ على ارتكابها) فإنها تفضح أمام مواطنيها تناقضات أقوالها. فهي من جهة تؤكد لهم أن اقتصادها لن يتأثر بالحظر المصرفي والاقتصادي، وفي الوقت نفسه تتوعد الأوروبيين لمقاطعتهم بضائعها ونفطها وعملتها.

لكن لا تقلقوا، فرغم التهديدات الخطيرة، أحسن الظن في الحسابات الإيرانية. عودتنا طهران أنها لا ترتكب حماقات قاتلة، مثل الدخول في حرب مباشرة مع الغرب أو الخليج، بدليل أنها لم تفعلها قط، إلا من خلال وكلائها بالنيابة، مثل حزب الله. التاريخ المتعقل للفعل الإيراني لا يساير القول المتهور لمسؤوليها. إيران تدري أنها ستخسر الكثير في حال دفعت الأمور باتجاه الحرب، فحليفتها الكبرى سوريا محاصرة داخليا، وتركيا المحايدة عادة قد لا تبقى كذلك هذه المرة، إضافة إلى أن الوضع الداخلي الإيراني نفسه ينذر بانفجار ضد النظام.

إيران، على الرغم من كثرة مغامراتها، بما فيها مشروعها النووي، تملك قدرة حسابية جيدة تكبح شهوة التورط في المواجهات الكبرى. فأزمات العراق وأفغانستان وسوريا والبحرين، كلها بينت أن إيران تملك كوابح تضبط ردود فعلها عن التورط في الحروب المباشرة. والأزمة الجديدة سببها مقاطعة بنكها المركزي، ومبيعاتها لأوروبا لن تدفعها لضرب السعودية أو سد هرمز، لكن من يدري؛ فالنفط السياسي سريع الاشتعال، وهو سبب معظم حروب المنطقة. وقد يقول الرئيس الإيراني اليوم مقولة صدام الشهيرة بالأمس: «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق».

[email protected]